وكان -رحمه الله- على جانب كبير من العمل والزهد والصبر على خشونة العيش، وكان لا يدخل الحمام ولا يأكل من فواكه دمشق لما في ضمانها من الحيلة والشبهة، وكان يتقوت مما يأتي من بلده من عند أبويه، ولا يأكل إلا أكلة واحدة في اليوم والليلة بعد عشاء الآخرة، ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر، ولا يشرب بالثلج كما يعتاده الشاميون، ولم يتزوج، وكان كثير السهر في العبادة والتصنيف، وكان آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر يواجه به الملوك فمن دونهم، وحج مرتين.
تولى دار الحديث الأشرفية سنة خمس وستين فلم يأخذ من معلومها شيئًا إلى أن توفي، وكان يلبس ثوبًا قطنًا وعمامة سختيانية، وكان في لحيته شعرات بيض، وعليه سكينة ووقار في البحث مع الفقهاء وفي غيره، ولم يزل على ذلك إلى أن سافر إلى بلده وزار القدس والخليل، ثم عاد إليها فمرض بها عند أبويه، وتوفي في ليلة الأربعاء رابع وعشرين شهر رجب سنة ست وسبعين وستمائة، ودفن ببلده -رضي الله عنه وعنا-.