للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الداركي: وهذا الخلاف في حق أهل الحرب فأما الذمية مع الذمي فلا خيار لها لأنها رضيت بأحكامنا، ثم قال: وقيد الغزالي في "الوجيز" و"الوسيط" المسألة بما إذا أسلم على حرة وليست مختصة بها ولا بما إذا أسلمت أيضًا، بل الوجهان جاريان في الحرة والأمة إن سلمت أم لا إذا كانت كتابية كذلك ذكره صاحب "التهذيب" وغيره. انتهى ملخصًا.

فيه أمور:

أحدها: أن ما ذكره من إنكار التقييد بالحرة وكون الحكم في الأمة كذلك غلط عجيب فاحش لأنها إذا كانت أمة كانت مساوية له في الرق فلا فسخ لها، وإن امتاز بالإسلام فكيف يجيء الخيار؟ ، وحينئذ فلابد من تقييد المسألة بالحرة كما ذكره الغزالي، وقد صرح به هكذا حكمًا وتعليلًا جماعة منهم الماوردي في "الحاوي" والروياني في "البحر" ناقلًا له عن الأصحاب فقال: قال أصحابنا: أما الأمة فلا خيار لها لأنها مساوية له هذه عبارته، وقيد المسألة بذلك أيضًا خلائق منهم الفوراني في "الإبانة"، والمتولي في "التتمة".

الأمر الثاني: أن ما ذكره من كونه لا فرق بين أن تسلم التي أسلم عليها أم لا غلط أيضًا فإنه يقتضي جواز نكاح الأمة الكتابية وهو ممتنع قطعًا كما أوضحوه في هذا الباب وغيره، وقد تابعه في "الروضة" على الأمرين وأكد ذلك بقوله: "فاعلم ذلك" فتأمل ذلك وتعجب له، وأسأل الله التوفيق والعصمة عن مثله، وكلام البغوي لا يقتضي ما ذكره بل فيه إيهام يوضحه اسحتضار القواعد المقررة.

الأمر الثالث: أن الراجح عند الأصحاب خلاف ظاهر النص فقد قال في "البحر": إن الأصح عدم الخيار، وجزم به أيضًا الغزالي في "الوجيز"، وقال في "البسيط"، والفوراني في "الإبانة": إنه القياس ولذلك عبر به المتولي، إلا أن الرافعي أبدله بالأظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>