الأمر الثاني: أن القولين اللذين حكاهما الإمام قد حكاهما الربيع في "الأم"، والأصح منهما هو تصديق المالك، كذا صححه الرافعي في آخر الباب الأول من أبواب اللقطة وعبر بقوله أصح القولين، إلا أنه مثل بالعتق خاصة، وقد علمت بما ذكره هنا أنه لا فرق بين العتق وغيره.
قوله المسألة الثانية: إذا زوج أمته من إنسان، ثم قال: كنت مجنونًا أو محجورًا على وقت تزويجها، وأنكر الزوج وقال تزوجتها تزويجًا صحيحًا، فإن لم يعهد للسيد ما ادعاه ولا بينة فالقول قول الزوج بيمينه لأن الظاهر صحة النكاح، وكذا لو قال زوجتها وأنا محرم أو قال: لم تكن ملكى يومئذ ثم ملكتها، وكذا الحكم لو باع عبدًا ثم قال بعد البيع بعته وأنا محجور على أو لم يكن ملكى ثم ملكته، وعن نصه في "الإملاء" أنه لو زوج أخته ثم مات الزوج فادعى ورثته أن أخاها زوجها بغير إذنها، وقال: بل زوجنى بإذنى فالقول قولها، ولك أن تقول سبق ذكر وجهين في ما لو ادعى أحد المتعاقدين صحة البيع والآخر فساده فليجئ ذلك الخلاف في هذه الصورة. انتهى.
اعترض عليه النووى فقال: لم يذكر الأصحاب في هذه الصور خلافًا، ولا يصح مجيئوه لأن الظاهر الغالب في الأنكحة الاحتياط وعقدها بشروطها وبحضرة الشهود وغيرهم بخلاف البيع فإن وقوعه فاسد كثيرًا. انتهى كلامه وفى ما ذكره -أعني النووى- أمران:
أحدهما: أن ما ادعاه من عدم ذكر الأصحاب لهذا الخلاف هنا ليس كذلك، بل قد صرحوا بجريانه حتى جزم البغوى في فتاويه بتصديق مدعي الفساد، ولم يحك خلافه، وإنما ذهب إليه هنا لأنه ذهب إليه في البيع كما نقله عنه الرافعي هناك، والغريب أن النووي قد صرح قبل ذلك بالخلاف في النكاح، والأغرب فيه كونه من "زياداته" فقال في الكلام