أحدهما: أن ما صرح به في "الروضة" واقتضاه كلام الرافعي من الإنكار على الغزالي وحمله على التساهل في العبارة فغريب جدًا، بل قاله في "الوجيز" و"الوسيط" معًا عن قصد وروية تبعًا لإمامه فإنه في "النهاية" قد جزم بأنه يرجع بقيمة النصف لا بعكسه وعلله بأنه لم يقن إلا ذلك والذي قاله هو القياس الذي لا يتجه غيره لما ذكره من المعنى إلا أن الشافعي في "الأم" قد عبر بنصف القيمة كما قاله الرافعي ذكر ذلك في مواضع كثيرة من كتاب الصداق المذكور عقب المسابقة، ولولا خشية الإطالة لذكرت لفظه فيها، وعبر به الغزالي أيضًا في "البسيط".
الأمر الثاني: أن تعليل الرافعي بأن التشقيص عيب تعليل صحيح فإنه ذكره في تقرير الفرق بين نصف القيمة وقيمة النصف فتصرف النووي في ذلك وعبر بالعبارة المذكورة ومقتضاها غير مستقيم فإنه جعله علة لإيجاب نصف القيمة فتأمله مع أن القائل بقيمة النصف يعطيه قيمة ملكه بكمالها فأين التشقيص؟ واعلم أن للمسألة نظائر منها إذا أخذ الساعي الزكاة من أحد الخليطين فهل يرجع على شريكه بنصف قيمة المأخوذ أم بقيمة نصفه؟ فيه اضطراب وقع للرافعي سبق بيانه في موضعه، ومنها: إذا استولد جارية نصفها له قال الشافعي في "الأم": فلشريكه عليه نصف المهر ونصف قيمة الجارية هكذا ذكره في باب المكاتبة بين اثنين يطأها أحدهما، وفي باب المترجم بالأقضية أيضًا، وجزم به الرافعي في باب العتق، وهو يقوي ما قاله في الصداق، ومنها: إذا ملك نصف عبد فأعتقه وسرى إلى الباقي، فهل يغرم قيمة نصف أم نصف قيمته؟ حكمه حكم الصداق وفيه كلام أذكره في موضعه، ومنها إذا أوصى بنصف عبد، فإن الصواب وهو قياس ما قلنا في الزكاة أنه ألحق اعتبار نصف قيمته من الثلث مع شئ آخر وهو نقصان النصف الباقي للورثة عن نصف القيمة.