باب الأطعمة فقال: يستحب أن يقول: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ووافقه النووى هناك على الاقتصار على هذا اللفظ وزاد فيه هنا بعد قوله "فيه": "غير مكفي ولا مكفور ولا مودع ولا مستغني عنه ربنا". رواه البخاري في "صحيحه"(١)، وقد شرح في "الأذكار" هذه الألفاظ فقال: مكفي بفتح الميم وتشديد الياء هذه الرواية الصحيحة الفصيحة، ورواه أكثرهم بالهمز وهو فاسد من جهة العربية سواء كان من الكفاءة أو من كفأت الإناء كما لا يقال في مقري من القراة مقري ولا في مرمي بالهمز فالمراد بذلك كله هو الطعام وإليه يعود الضمير بالمكفى لا بالمقلوب للاستغناء عنه، وقوله:"غير مكفور" أي: غيو مجحود من قولهم كفر النعم إذا جحدها وسترها، وقال الخطابي وغيره: إن ذلك يعود إلى الله سبحانه وتعالى وأن معنى قوله: "غير مكفي" أنه يطعم ولا يطعم، قال: وقوله: "غير مودع" أي: غير متروك من الطلب منه وينتصب ربنا على هذا بالاختصاص والمدح أو بالنداء، ومن رفعه جعله خبرًا كأنه قال ذلك ربنا أو أنت ربنا ويصح فيه الكسر على البدلية من الاسم في قوله:"الحمد لله".
وقال ابن الأثير: من رفع ربنا فعلى الابتداء المؤخر، أي: ربنا غير مكفي ولا مودع، وعلى هذا فيرفع غير ذلك قال: ويجوز أن يكون ذلك كله راجعًا إلى الحمد. انتهى كلام "الأذكار" ملخصًا.
الأمر الثاني: أن تقييد الرافعي بالنسيان يشعر بأنه لا يستحب التدارك عند التعمد، وليس كذلك، بل يستحب أيضًا وقد نَبَّه عليه النووي من "زوائده".
قوله: ويكره أن يأكل مما يلي أكِيله وأن يأكل من وسط القصعة وأعلى
(١) حديث (٤٣/ ٥) من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -.