الأمر الرابع: أن هذا ليس نظير الشراء بغير إذن السيد حتى يستدل الرافعي به على وجوب مهر المثل لأن الرافعي قد استدل في البيع على البطلان بأنه لو صح لما أمكن أن يجعل المبيع للعبد لكونه لا يملك ولا للسيد لكونه غير من لزمه الثمن، وهذا المعنى يحصل به التفرقة بينهما تفرقة ظاهرة لأن البضع لا يجيء فيه ذلك لاسيما والخلع من الأجنبي يصح مع أن البضع لا يحصل له.
قوله في أصل "الروضة": فرع: اختلاع المكاتبة بغير إذن سيدها كاختلاع الأمة بغير إذنه، وإن اختلعت بإذنه فالمذهب المنصوص هنا أنه كاختلاع بغير إذن، وقيل كاختلاع الأمة بالإذن. انتهى كلامه.
وهذا الذي ذكره من تصحيح البطلان غلط على العكس مما في الرافعي فإن المذكور فيه تصحيح الصحة، فإنه قال ما نصه: وإن اختلعت بإذنه فطريقان: أظهرهما: إنه على القولين في هبة المكاتب وتبرعاته بإذن السيد هذا لفظه وذكر مثله في "الشرح الصغير" أيضًا فانعكس على الشيخ محيي الدين فجعل المذهب المنع ثم أنه أخذ بما قرره في "الروضة" فذكره في "تصحيح التنبيه" أيضًا، وقد ظهر لك أنه وهم فاحذره، وقد ذكره هو -أعنى النووي- في "الروضة" أيضًا على الصواب في الباب الثاني من كتاب الكتابة في الحكم الثالث منه فقال: إن الأظهر الصحة، وسوف أذكر لفظه هناك إن شاء الله تعالى، وصرح الرافعي أيضًا هناك في "الشرحين" و"المحرر" بتصحيحه وهو مقتضى كلام "المحرر" و"المنهاج" فإن قلت: قد سبق في الوصية أن اختلاع المريضة بمهر المثل يحتسب من رأس المال كما لو اشترى شيئًا بقيمته أو تزوج امرأة بمهر مثلها فلم يجعلوه تبرعًا بخلاف خلع المكاتبة فالجواب أن ملك المريض أثم؛ ولهذا أوجبنا عليه نفقة الموسرين، وجوزنا له أن يصرف ماله فيما ما شاء بخلاف المكاتب.