البيع وجهان: أحدهما: ينعقد كالخلع والجعالة، والثاني: المنع ولا يحتمل فيهما ما يحتمل في البيع، ألا ترى أن التعليق لا يقدح فيهما ويقدح في البيع، وفي ما علق عن الإمام أن هذا أصح ويشبه أن يكون الوجهان في أنه هل هو صريح أم لا؟ فأما كونه كناية فلا ينبغي أن يكون فيه خلاف. انتهى كلامه.
وما ذكره من تخصيص الوجهين بالصراحة وعدمها ونفي الخلاف عن جعله كناية تابعه عليه في "الروضة" أيضًا وليس كذلك فقد ذكر في أوائل الباب السابق في ما إذا قال: أنت طالق وعليك ألف ما حاصله أن الوجهين في كونه كناية فتأمله ومعنى قوله ولا كلما يحتمل ليس كلما إلى آخره.
قوله: ولو قالت طلقني ثلاثًا بألف فطلقها واحدة وقعت بثلث الألف على ظاهر المذهب بخلاف الزوج إذا قال: أنت طالق ثلاثًا على ألف فقبلت واحدة لا تقع الواحدة بثلث الألف، ثم فرق بينهما بقوله: لأن الخلع من جانب فيه معني المعاوضة والتعليق ومن شرط المعاوضة أن يتوافق الإيجاب والقبول، ومن شرط الوقوع بالتعليق، حصول الصفة المعلق عليها، ولم يتحقق واحد من الشرطين، وأما من جانب المرأة فالخلع يشبه الجعالة على ما قدمناه. انتهى كلامه.
وهذا الفرق الذي ذكره صريح في أن الخلع لا يكون معاوضة من جانب الرجل لأنه قد ذكر أن المعاوضة لابد فيها من توافق الإيجاب والقبول، فلو كان من جهتها كذلك لم يتخيل الفرق ولم يتغاير الحكم والذي ذكره سهو، بل هو من جانبها معاوضة كما هو من جانبه، وقد جزم بذلك في أواخر الباب الأول ناقلًا له عن الأصحاب، وقد ذكرت لفظه هناك فراجعه، والصواب الاكتفاء بالتفرقة بالتعليق.