أحدهما: أن المقدمة الأولى واضحة الصحة، وقد توهم النووي أن مراد الرافعي بها إثبات عدم الطلاق بالقياس على السلام فشرع يفرق بينهما فقال ما نصه: قلت: هذا الذي قاله إمام الحرمين والرافعي كلامهما عجب منهما.
أما العجب من الرافعي: فلأن هذه المسألة ليست كمسألة السلام على زيد؛ لأنه هنا علم به واستثناه وهناك لم يعلم بها ولم يستثنها، واللفظ يقتضي الجميع إلا ما أخرجه.
هذا لفظه وهو إعتراض فاسد، وقد تبين لك وجه فساده.
الأمر الثاني: أن المقدمة الثانية ليست صحيحة لأن الواعظ المذكور قصد خطاب الحاضرين جميعهم بالطلاق غير أنه لم يعلم أن زوجته فيهم وعدم العلم عند قصد الخطاب باللفظ الصالح للإيقاع لا يمنع الإيقاع، ولهذا إذا خاطب زوجته بالطلاق وهو يعتقدها أجنبية وقع فهاهنا كذلك بل أولى؛ لأنه في هذا وأمثاله لا تخطر له زوجته لا نفيًا ولا إثباتًا وحينئذ فلا يلزم من عدم علمه بكونها فيهم أن يكون مقصوده غيرها فقط لا هي لأنه قد لا يستحضرها بالكلية، بل قد يقصد المخاطبين ذاهلًا عن حكم الزوجة.
وأما دعواهم أن قصد بعض الأفراد يخصص فاعلم أن هذه المسألة كثيرة الوقوع في الفتاوي تلتبس على من لا اطلاع لديه ولا تحقيق وإيضاح الحق فيها أن نقول: إذا قال الشخص مثلًا: والله لا كلمت أولاد زيد فله أحوال:
أحدها: أن لا يقصد شيئًا معينًا فلا إشكال في حنثه بالجميع؛ لأن اللفظ يدل على الجميع بالوضع فلم يحتج إلى قصده.
الثاني: أن يقصد إخراج بعضهم ويقصد مع ذلك إثبات الباقي أو لا يقصد شيئًا فلا إشكال في عدم الحنث بالمخرج لأنه خصص يمينه بالقصد.
الثالث: أن يقصد بعض الأفراد وسكت عما عداه فهذا هو محل