المتآكلة -نعوذ بالله- إلى ما يزيل عقله من غير الأشربة كالبنج خرج ذلك على الخلاف في التداوي بالخمر هذه عبارته، فإذا كان يمتنع هذا عند من يمنع التداوي بالمسكر مع كونه مقطوعًا بحصول المطلوب منه وهو زوال العقل المخفف للألم فلأن يمتنع في ما عداه من المظنونات بطريق الأولى، وقد نص الشافعي -رحمه الله- في "الأم" على الجواز ولم يلحقه بالتداوي بالخمر فقال في باب طلاق السكران ما نصه: ولو شرب بنجًا أو حريفًا أو مرقدًا ليعالج به من مرض فأذهب عقله فطلق لم يلزمه الطلاق من قبل أنه ليس في شيء من هذا أن يضربهم على شربه في كتاب ولا سنة ولا إجماع، فإذا كان هذا هكذا كان جائزًا أن يؤخذ الشيء منه للمنفعة هذا لفظه بحروفه ومن "الأم" نقلته، ويتضح به بطلان ما ذكره الرافعي هناك، ولم يتعرض في "الروضة" هنا لما ذكره الرافعي من الترديد في التخريج واقتصر على عدم وقوع الطلاق، وذكر هناك ما ذكره الرافعي ثم اعترض عليه فقال: الأصح هنا الجواز، وقد سبق في مسائل طلاق السكران ومن زال عقله ما يقتضي الجزم به، ولو احتاج إلى دواء يزيل العقل لغرض صحيح جاز تناوله قطعًا كما سبق هناك والله أعلم. هذه عبارته، وهو عجيب من وجهين:
أحدهما: أنه يناقض بعضه بعضًا فإنه أثبت الخلاف أولًا ونفاه آخرًا.
الثاني: في دعواه الجزم به هناك، وسببه أنه يختصر فيتصرف ثم ينسى فيستدرك.
قوله: فإذا تعدى بشرب الخمر فسكر فقولان.
أصحهما: يقع طلاقه.
والأظهر على ما ذكره الحليمي وغيره: أن القولين جاريان في الأقوال والأفعال، قال الإمام: لكن شارب الخمر يعتريه ثلاثة أحوال: أحدها: هزة ونشاط يأخذه إذا ذيب الخمر فيه ولم يستول عليه بعد ولا يزول العقل