الأمر الثاني: أنه ليس المراد من الصفة والإيقاع في كلام الرافعي هو المعنى المعروف عند النحاة، وإنما المراد ذكر الخبر بعد الخبر؛ لأن الخبر في المعنى صفة وكل شيء أتى عقب شيء كان تابعًا له.
واعلم أن ما نقله الرافعي عن الإمام فقط، قد جزم به في "الشرح الصغير" وكذلك النووي في "الروضة".
قوله: ولو قال أنت طالق عدد التراب قال الإمام: تقع واحدة، وقال البغوي: عندي تقع الثلاث كما لو قال عدد أنواع التراب. انتهى.
تابعه في "الروضة" على حكاية الخلاف من غير ترجيح ولا شك أن المسألة متوفقة على أن التراب جمع أم لا؟ وفيها خلاف مشهور قد حكاه النووي في "تهذيب الأسماء" وفي غيره، ونقل عن المبرد أنه جمع واحده ترابة ومنه قول الشاعر (١):
ثم قالوا تحبها قلت بهرًا ... عدد الرمل والحصا والتراب
وبهرًا بباء موحدة مفتوحة ثم هاء ساكنة أي عجبًا قاله الجوهري.
فعلى هذا يقع الثلاث، ونقل عن الجمهور أنه اسم جنس فعلى هذا يتجه وقوع واحدة وهو قريب مما إذا قال: أنت طالق بعدد شعر إبليس والمرجح كما قاله النووي في باب الشك في الطلاق وقوع واحدة.
قوله: ولو قال: أنت طالق إن لم أو أنت طالق إن، قال إسماعيل البوشنجي: ينظر إن قصد الاستثناء أو التعليق فلم يتمه فلا أرى أن يقع طلاقه ويصدق إذا فسر به للقرينة الظاهرة، وإن لم يقصد الاستثناء ولا التعليق وقع، لأنه لو أتى بالاستثناء بلا نية لم ينفع فهاهنا أولى. انتهى.
(١) هو أبو الخطاب، عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة، المخزومي، القرشي، أرق شعراء عصره، من طبقة جرير والفرزدق، ولم يكن في قريش أشعر منه ولد في الليلة التي توفي فيها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فسمى باسمه، وتوفي سنة ٩٣ هـ.