الرافعي إنما هو حكاية الوجهين في ما بعد الفراغ من اليمين خاصة كما يدل عليه تعليله إلا أن في ابتداء تعبيره إيهامًا يندفع بالتأمل فإنه قال: وهل يشترط أن يكون قصد الاستثناء مقرونًا بأول الكلام؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا ولو بدا له الإستثناء بعد تمام المستثنى منه فاستثنى حكم بموجبه.
وأصحهما وادعى أبو بكر الفارسي الإجماع عليه: أنه لا يعمل بالاستثناء ويقع الطلاق؛ لأن الاستثناء بعد الفصل ينشأ بعد لحوق الطلاق فيلغوا، هذه عبارته، وهي كما قلناه إلا أنه عبر بأول الكلام عن المستثنى منه ويكون المستثنى هو الأخير، وهو تعبير صحيح يدل عليه التعليل إلا أنه موهم ووقع التعبير به أيضًا في كتب جماعة من أصحابنا، ثم إن النووي أبدل ألفاظًا من ألفاظ الرافعي بألفاظ مطابقة لما فهمه هو فوقع في صريح الغلط، وكلام الغزالي يبين المراد ويعين غلط النووي في فهمه هنا وكذلك إمام الحرمين فإنه قال: فإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق ولم يخطر له الاستثناء إلى استتمام لفظ الطلاق ثم لما تم اللفظ خطر له أن يقول على الإتصال إن شاء الله تعالى، فقال ذلك بعد، قال أبو بكر الفارسي في كتابه المترجم "بمسائل الإجماع": يقع الطلاق في هذه المسألة إجماعًا، ووافقه معظم الأصحاب في دعوى الإجماع، ومن أصحابنا من قال: لا يقدح. هذا لفظه، ذكر ذلك في باب ما يقع به الطلاق من الكلام.
في فصل أوله، قال: ولو جعل لها أن تطلق نفسها، وذكر الرافعي في أوائل الباب الثالث نحوه أيضًا.
نعم لو نوى في أثناء اليمين ففيه وجهان مشهوران في "التنبيه" و"المهذب" وغيرهما، أصحهما: أنه يكفي كما أشعر به كلام الرافعي وصححه النووي من زوائده، وقد حكى الرافعي هذين الوجهين في أول كتاب الأيمان فقال: لو حلف ثم بدا له أن يستثني فأتى بلفظ الاستثناء لم يعتد به وإن كان موصولًا باليمين، وإن قصد الاستثناء في خلال اليمين