إلا إذا حصل اليأس، وفاتت المشيئة، [وفي صورة التقييد باليوم، لا يقع الطلاق إلا إذا مضى اليوم خاليا عن المشيئة](١) ويجوز أن يوجه ما ذكره البوشنجي بأن كلام المعلق محمول على تلفظه بعدم المشيئة فإذا قال: لم أشأ، فقد تحقق الوصف، انتهى كلامه.
ذكر مثله في "الروضة" وفيه كلام متوقف على مقدمة ذكرها في آخر باب الاستثناء في الطلاق فقال: لو قال: أنت طالق إلا أن يشاء زيد فالصحيح أن معناه إلا أن يشاء الوقوع، كما إذا قال: إن شاء زيد فإن معناه أيضا أن يشاء الوقوع، وقيل: إن معناه إلا أن يشاء عدم الوقوع فعلى الأول يقع الطلاق إذا لم يشأ زيد شيئا أصلا أو يشاء عدم وقوعه ولا يقع إذا شاء الوقوع، قال: والحاصل أن الطلاق معلق بعدم مشيئة الطلاق لا بمشيئة عدم الطلاق، والمعنى الثاني أخص من الأول ومسألتنا فرد من أفرادها، لأن قوله: إن لم يشأ زيد يكون معناه إن لم يشأ الوقوع وذلك إما بأن لا يشاء شيئا أصلا أو بأن يشاء عدم وقوعه وهو كالأول سواء.
إذا علمت ذلك ففي ما نقله الرافعي في هذا الباب عن البوشنجي وأقره هو والنووي عليه فيه أمور:
أحدها: أن حاصل كلامه أولا وآخرا أنه محمول على التلفظ بعدم المشيئة وهو مخالف للصواب المجزوم به هناك.
الأمر الثاني: أن تعبيره بقوله فقال فلان: لم أشأ وقع الطلاق صريح في وقوع الطلاق إذا اقتصر فلان على قوله: لم أشأ وهذا يخالف كلا من الوجهين المذكورين في أن الذي شاءه هل هو الوقوع أو عدمه، وفي كلام الرافعي في هذا الفصل مواضع مذكورة قبل هذه المسألة توهم أيضا ما اقتضاه كلامه هنا إلا أن في بعضه تصريحا بالمقصود.