فولدتهما معًا لم يقع شيء؛ لأنه لا يوصف واحد منها بالأولية، ولهذا لو أخرج رجل دينارًا للمتسابقين وقال: من جاء منكما أولًا فهو له فجاءا معًا لم يستحقا شيئًا.
قال الشيخ أبو علي: ويحتمل أن يطلق ثلاثًا، ثم قال: وعرضته على الشيخ -يعني: القفال- فلم يستبعده، انتهى كلامه.
فتلخص أن البشارة لابد فيها من الأولية والأولية منتفية عن المعية فلزم انتفاء البشارة عن المعية وإذا انتفت البشارة لم يقع الطلاق فتلخص أن ما قاله الرافعي هنا لا معول عليه ولا التفات إليه.
الأمر الثاني: أن ما اقتضاه كلامه من الاتفاق على طلاقهما معًا عند مخاطبة المرأتين فقط تبعه عليه في "الروضة" وليس كذلك فقد جزم جماعة بعدم الوقوع وعللوه بأن صيغة من تقتضي التبعيض منهم الماوردي في "الحاوي" والروياني في "البحر" كلاهما في كتاب الأيمان، وهو صحيح يؤيده ما ذكروه في الوكالة في ما لو قال: بع ما تراه من عبيدي وقد تكلمنا عليه هناك، وقد حذف النووي من "الروضة" هذه المسألة -أعني: وجود البشارة من جميع المعلق عليهم دفعة واحدة عند الإتيان بصيغة من وهي مسألة مهمة.
الأمر الثالث: أن الرافعي قد استدل على ما ادعاه وهو فهم الاستقلال بصحة نفيه عن كل واحدة على انفرادهما، ثم ذكر أن ما يفهم منه الاستقلال من السرور ما لا أثر له عند الاشتراك بدليل مسألة الرغيف، وهذا الذي ذكره صحيح لا اعتراض عليه من هذا الوجه وإن كان فيه شيء آخر سأذكره بعد هذا.
إذا علمت ذلك فاعلم أن النووي قد فهم كلام الرافعي على غير وجهه فاختصره على ما فهمه منه ثم اعترض عليه فإنه قال: فلو بشرتاه معًا فالمنقول أنهما تطلقان وفيه نظر، فإنه لو قال: من أكل منكما هذا الرغيف