الأمر الثاني: أن الرافعي لما ذكر الأواني المنطبعة، قال: واستثنى بعضهم آنية الذهب والفضة وهذا الإستثناء يحتمل أن يكون استدراكًا لما قاله الأصحاب فيكون إطلاقهم محمولًا عليه.
وهو الذي فهمه النووي، ويحتمل أن يكون وجهًا مخالفًا لما عليه الأكثرون وأما جعله وجهًا مع تصحيحه، فغلط محض إذ هو خارج عن كل من هذين ولا إشعار لكلام الرافعي بتصحيحه.
لا جرم: كان الصواب في كلام "الروضة" عود التصحيح إلى المستثنى منه دون المستثنى كما نبه هو عليه بخلاف ما يفهمه كثير من الناس.
نعم: آخر كلام الرافعي يبين أنه أراد حكاية وجه على خلاف ما فهمه النووي من كونه استدراكًا، فإنه قال: ولك أن تعلم قول الغزالي: والإناء المنطبع. بالواو إشارة لهذا الوجه.
قوله: ولا فرق بين أن يقع ذلك قصدًا أو اتفاقًا، فإن المحذور لا يختلف.
ويؤيده أن المشمس في الحياض والبرك غير مكروه بالإتفاق، لأنه لا يخاف منه مكروه. انتهى.
وما ذكره: من عدم التفرقة بين القصد والاتفاق قد حذفه من "الروضة"، ولم يذكر ما يدل عليه، بل ما يدل على عكسه فإنه عبر بالمشمس وفعله شمس بالتشديد.
قوله: والطريقة الأولى أقرب إلى كلام الشافعي، فإنه قال: ولا أكره المشمس إلا من جهة الطب، أى: إنما أكرهه شرعًا، حيث يقتضي الطب محذورًا فيه. انتهى كلامه.
وتعبيره بقوله: شرعًا ذكره يستفاد منه مسألة حسنة، وهى أن كراهة المشمس إذا قلنا بها تكون شرعية لا إرشادية، والمسألة فيها وجهان حكاهما ابن الصلاح في تعليقه على "الوسيط" فقال: فيه وجهان، والفرق