وما ذكره من كونه لا فرق بين القليل والكثير غلط، بل الصواب اختصاصه بالقليل، كما صور الغزالي، وذلك لأن المستعمل من جملة ما ذكره وقد صحح الرافعي في أوائل هذا الباب أن المستعمل إذا جمع قلتين يعود طهورًا.
وصحح أيضًا في الباب الذي بعد هذا أنه إذا صب على الماء النجس ماء مستعملًا حتى بلغ قلتين يعود طهورًا أيضًا.
وإذا عرفت ما قاله في هذين الفرعين ظهر لك فساد ما ادعاه من عدم التقييد، فإنه يلزم من كونه يقدر مخالفًا عند اتصاله بالماء الكثير، أن يكون كالخل وغيره من المائعات، وحينئذ فلا فائدة في بلوغه قلتين، وكيف يتخيل متخيل أن المستعمل إذا خلط بماء كثير طهور يسلبه الطهورية، وإذا خلط بمثله، أو بماء نجس حتى بلغ قلتين يجعله طهورًا؟ ووقع هذا الكلام العجيب أيضًا في "الروضة" و"شرح المهذب" و"التحقيق"، ولو فرعوا حكم هذه المسألة وهو جعله كالمائع على القول بأنه إذا خلط بماء مستعمل أو نجس لا يعود طهورًا لكان يستقيم، ووراء ما ذكره الرافعي وجوه غريبه:
أحدهما: ما اختاره القفال في "فتاويه" أن المضر من ذلك هو الكثير، وتعرف الكثرة بالعادة.
الثاني: إن كان هو الثلث فصاعدًا فهو كثير مضر، وإن كان دونه فلا، وهذا الذي نقله في "الفتاوي" المذكورة عن أبي يعقوب الأبيوردي.
والثالث: إن بلغ الخليط ثلاثة أضعاف الماء منع؛ وإلا فلا؛ حكاه المصعني بالصاد والعين المهملتين في "نهاية المستفيد في احترازات المهذب".
والرابع: إن بلغ سبعة أضعافه فيمنع، وإلا فلا، حكاه هو وما قبله المحب الطبري شيخ الحجاز في شرحه "للتنبيه"، وفي "التهذيب"