الثاني بلعان آخر انتفى الأول، وإن لم ينف الثاني بل استلحقه أو سكت عن نفيه مع إمكان النفي لحقاه جميعًا، ولكن لا يلزمه الحد عند السكوت لأنه لم يناقض كلامه الأول، واللحوق حكم الشرع، وهذا بخلاف ما لو حصل اللعان بعد البينونة، ثم أتت بولد آخر قبل ستة أشهر فسكت عن نفيه لزمه الحد، كما لو استلحقه.
والفرق أن اللعان بعد [البينونة] لا يكون إلا لنفي النسب، فإذا ألحق النسب لم يبق للعان حكم، فحذف اللعان في صلب النكاح يتعلق به مقاصد من درء الحد، ووقوع الفرقة ونفي النسب، فإذا ألحق النسب نفى سائر المقاصد التي تفرد باللعان، انتهى كلامه.
وما ذكره من كون اللعان بعد البينونة لا حكم له إلا قطع النسب ليس كذلك، بل له فائدة أخرى وهو تأبد التحريم على أظهر الوجهين.
قوله: في المسألة: الحال الثاني: أن يكون بينهما ستة أشهر فصاعدًا، فالثاني حمل آخر، [فإن نفاه] باللعان انتفى أيضًا، وإن استلحقه أو سكت عن نفيه لحقه، ولا يمنع من ذلك كونها بانت بعد اللعان لاحتمال أنه وطئها بعد وضع الأول فعلقت قبل اللعان فتكون حاملًا حال البينونة فتصير كالمطلقة ثلاثًا إذا ولدت لدون أربعة سنين من وقت الطلاق يثبت نسبه للمطلق لاحتمال كونها حاملًا وقت الطلاق فلا يلزمه من لحوق الثاني لحوق الأول، وهذا الذي ذكرناه من لحوق الثاني [إذا] لم ينفه هو الصواب، وبه قطع الأصحاب وقال في "المهذب": ينتفي الثاني بلا لعان لحدوثه بعد الفراش، وهذا ليس وجهًا آخر بل الأشبه أنه سهو والتوجيه الذي ذكره ممنوع، انتهى كلامه.
وما ذكره في آخر كلامه من تغليط "المهذب" في هذه المقالة قد تابعه عليه النووي في "الروضة" وكذلك ابن الرفعة في "الكفاية" فإنه نقل تغليط الرافعي له ووافقه عليه وليس الأمر كما زعموه، فقد جزم بذلك شيخه