وما نقله عن "التتمة" من تصحيح الاستئناف قد صححه النووي في أصل "الروضة" إذا علمت ذلك، فاعلم أن هذه الطريقة التى نقلها عن أبى إسحاق في آخر كلامه غلط عجيب لا يلائم ما قبلها، لأنه تكلم أولًا هل تبني أو تستأنف؟ ثم شرع بعد ذلك في كلام آخر، وهو التفريع على البناء وعلى الاستئناف فكيف يصح أن يحكى طريقة بالبناء والاستئناف في أثناء هذا التفريع، فإن الكلام ليس فيه، فراجع لفظه تجده غير منتظم، وبتقدير أن لا يكون عائدًا على ما قبله، بل على أصل المسألة، فلا تصح أيضًا لأنه إن أراد ما إذا فسخت قبل الرجعة فقد نقل هو عن أبى إسحاق فيه عكسه وهو القطع بالبناء، وإن أراد الفسخ بعدها، فقد حكى أيضًا أن فيه الطريقين وأحدهما: ما نقله عن إسحاق وهو القطع بالبناء، وبتقدير انتظام الكلام وصحة الحكم، فالتعليل الذي ذكره لتلك الطريقة لا يوافق حكمها ولا يلائمه، فتلخص أن الواقع هنا في الرافعي تعليلًا وتركيبًا غير مستقيم، ولما أشكل ذلك على النووي حذف هذه الطريقة من "الروضة".
واعلم أن استمداد الرافعي من "التتمة" أمر غير خاف خصوصًا في هذه المسألة، فإنه لم يصرح عن أحد بنقل إلا عنه، وقد اتضح الحال بحمد الله تعالى، وتحرر لى بمراجعة "التتمة" أنها طريقة منقولة عن أبى إسحاق في التفريع على قول البناء كما هو مقتضى سياق الرافعي، فإنه قال: وإذا قلنا تبنى، فهل تبنى على عدة أمة أو حرة؟ فيه طريقان: إحداهما: أنه على الخلاف فيما إذا عتقت المعتدة والثانية قالها أبو إسحاق: أنها تكمل عدة حرة لأن الفسخ سبب لوجوب العدة، فإذا وجد في أثناء العدة وجب التكميل، هذا كلامه، وهو كلام صحيح فحصل في كلام الرافعي تحريف بالنسبة إلى الحكم، وتحريف وإسقاط بالنسبة إلى التعليل فافهمه، واشكر الله تعالى على ما يسر لك من الوقوف على حال هذه المواضع المكتسبة من