أحدهما: وبه قال ابن سريج: نعم؛ لأنه طهر يعقبه حيض، والثاني: وبه قال أبو إسحاق: لا. كما ذات الأقراء إذا آيست قبل تمامها تعتد بثلاثة أشهر ولا تحسب ما مضى شهرًا، وهذا أقرب إلى ظاهر النص. انتهى كلامه.
وهذا الخلاف حكاه أيضًا في "الشرح الصغير" وجهين، وصرح بالتصحيح فقال ما نصه: فيه وجهان: أظهرهما: المنع، وحكاه في "المحرر" قولين فقال: فيه قولان يبنيان على أن المعتبر في القروء الانتقال من الطهر إلى الحيض أو الطهر المحتوش بدمين، والأظهر الثاني، ووقع هذا الاختلاف أيضًا بين "الروضة" و"المنهاج".
واعلم أن الرافعي لما ذكر في الطلاق السنى والبدعى هذه المسألة أعنى أن القرء ما هو؟ قال: فيها قولان أو وجهان بالترديد من غير ترجيح.
قوله: أما الأمة إذا كانت صغيرة أو آيسة فبم تعتد؟ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: بشهرين، والثاني: بشهر ونصف والثالث: بثلاثة أشهر لأن الماء لا يظهر أثره في الرحم إلا بعد هذه المدة إذ الولد يتخلق في ثمانين يومًا، ثم يبين الحمل بعد ذلك. انتهى كلامه.
وما ذكره في آخر كلامه من كون الولد يتخلق في الثمانين أى يتصور قد خالفه في كتاب الرجعة فجزم بأنه لا يتصور إلا بعد أربعة أشهر ولحظتين، وقد سبق ذكر لفظه هناك، ولم يذكر النووي التعليل المذكور فسلم من الاختلاف ولا يمكن حمل كلامه هنا على أن المراد بالتخليق هو المضغة، لأن الله تعالى في كتابه قسم المضغة إلى مخلقة وغير مخلقة، والمراد بالمخلقة المصورة التى نفخ فيها الروح، ويدل له ما رواه البخاري عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إن الله تعالى وكل في الرحم ملكًا فيقول: يا رب نطفة يا رب مضغة، فإذا أراد أن يخلقها قال: يا رب ذكر أو أنثى؟