وروى أيضًا بالوطف كما سبق، والمشق بميم مكسورة وشين معجمة ساكنة، وقد فسرها الرافعي بالمعرة وهى ميم مفتوحة، وعين معجمة ساكنة وقد تفتح كما ذكره الجوهري، والعامة تنطق به مضموم الميم، وأما الدمام فهو بدال مهملة مكسورة وميمين بينهما ألف وهو كل شيء يطلى به الوجه.
قوله: وعن عائشة وحفصة -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا" قال الأئمة إلا على زوج مستثنى من قوله: "لا يحل وظاهره لا يقتضى إلا الجواز لكن أجمعوا على أنه أراد الوجوب، ثم قال ولا إحداد على المعتدة عن الوطء بالشبهة والنكاح الفاسد وأم الولد، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يحل لامرأة" الحديث، قد يحتج به لتحريم الإحداد على الموطوءة بالشبهة وأم الولد. انتهى كلامه.
وما ذكره من الإجماع على وجوب الإحداد ليس كذلك ففي "الشامل" عن الحسن البصري أنه مستحب لا واجب، وما ذكره أيضًا من أنه قد يحتج بالحديث المذكور على هذين تبعه في "الروضة" أيضًا على خلاف الغالب من حاله وهو غريب جدًا، فإنه لا إشعار له بذلك بالكلية، والظاهر أن الرافعي سها من حديث إلى حديث فتابعه عليه النووي غير متأمل له.
واعلم أن القاعدة الأصولية أن ما كان ممنوعًا منه لو لم يكن واجبًا فإذا دل دليل على جوازه كان ذلك نفسه دليلًا على وجوبه كالركوعين في الخسوف، فإن زيادة الركوع الثاني والقيام الثاني في غير الكسوف لا تجوز ولما دل الدليل على جواز فعلهما في تلك الصلاة، وهو فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - له كان فعلهما واجبًا فيها. هكذا ذكر هذه القاعدة جماعة منهم الإمام فخر الدين في "المحصول" وغيره.
وإذا استحضرت هذه القاعدة استفدت من الحديث المذكور وجوب الإحداد على المتوفي عنها زوجها وجهًا؛ لأن الإحداد حرام، وقد جاز في هذه الصورة فيكون واجبًا.