وعبارة "المحرر": نعم لو كان في الدار محرم لها من الرجال أو محرم له من النساء أو زوجة أخرى أو جارية فلا بأس بشرط أن يكون المحرم مميزًا.
هذا لفظه، والظاهر مخالفته لما في "الشرح"، ولكن يحتمل أنه احترز بالرجال عن الصبيان وبالمميز عن المجانين.
ويؤيده أن الرافعي قال: ولابد في المحرم ومن في معناه من التمييز فلا عبرة بالمجنون هذا لفظه.
قوله: والحكاية عن الأصحاب أنه لا يجوز أن يخلو رجلان بامرأة واحدة، ويجوز أن يخلو رجل بنسوة إذا كن تقيات، وقد يفرق بأن استحياء المرأة من المرأة كبير من استحياء الرجل من الرجل. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن هذا الذى ذكره من امتناع خلوة الرجلين بالمرأة مقتضاه أنه لا فرق بين أن تبعد مواطأتهم على الفاحشة أم لا.
وقد اختلف فيه كلام النووي فقال في "شرح المهذب" في باب صفة الأئمة ما نصه: أما إذا خلا رجلان أو رجل بامرأة فالمشهور تحريمه لأنه قد يقع اتفاق رجال على فاحشة بامرأة.
وقيل: إن كانوا ممن تبعد مواطأتهم على الفاحشة جاز.
وأما الأمرد الحسن فلم أر لأصحابنا فيه كلامًا، وقياس المذهب التحريم؛ لأن الصحيح تحريم النظر إليه مطلقًا. انتهى كلامه.
وقال في "شرح مسلم" في باب تحريم الخلوة بالأجنبية -وهو في الربع الأخير من الكتاب- ما يخالف هذا؛ فإنه لما ذكر قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو رجلان"(١).
قال: المغيبة: بضم الميم وكسر الغين المعجمة وإسكان الباء: هى المرأة
(١) أخرجه مسلم (٢١٧٣) من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-.