وما نقله هنا عن تصحيح الروياني وأقره ذكر مثله في "الروضة" وصرح بتصحيحه ابن الرفعة في "الكفاية" والصحيح خلافه؛ وذلك لأن الإكراه على الإرضاع في هذه الحالة إكراه على إتلاف البضع؛ وحينئذ فتكون هذه المسألة فردًا من قاعدة الإكراه على الإتلاف وفيها أربعة أوجه ذكرها الرافعي في الجنايات بعد الكلام على الإكراه على القتل: الأول والثاني: ما ذكره الرافعي هنا.
والثالث: عليهما نصفان، والرابع: للمالك أن يطالب من شاء منهما، غير أنه إذا طولب المتلف رجع على الآمر. قال الرافعي: وهذا أصح الوجوه وتبعه عليه في "الروضة".
قوله في الروضة: ولو ارتضعت منها وهي مستيقظة ساكتة فهل يحال الرضاع على الكبيرة لرضاها به أم لعدم فعلها كالنائمة؟ وجهان حكاهما ابن كج. قلت: الأصح الثاني، والله أعلم.
وهذا التصحيح الذي ذكره من زوائده وهو كونه لا ينسب إلى الكبيرة غلط؛ فقد جزم في أول الفرع بعكسه فقال: فرع: إنما يجب الغرم في الصور السابقة على أم الزوج ومن في معناها إذا أرضعت أو مكنت الصغيرة من الإرضاع. هذا لفظه. فجزم بأن الفعل لا يشترط بل يكفي التمكين.
وذكر الرافعي مثله أيضًا وهو الحق فقد جعلوا مثل هذا تمكينًا منسوبا إليه فيما إذا أتلف شخص وديعة تحت يده، أو صب في جوفه وهو صائم شيئًا من المفطرات، أو حمله فدخل به الدار المحلوف عليها، وغير ذلك.
واعلم أن الرافعي لم يذكر هذه المسألة هنا بل ذكرها في آخر الباب الذي يلي هذا وهو آخر أبواب الرضاع؛ فإما أن يكون النووي نسى هذه المسألة التي مر عليها في هذا الباب -وهو الظاهر- فرجح من عنده هذا الترجيح، وإما أن يكون قد أراد التعبير بالأول فعبر بالثاني غلطًا.
قوله: ولو أرضعتها الأم أربع رضعات ثم ارتضعت الصغيرة منها