والذي ادعاه من القطع بعدم الوجوب ليس كذلك؛ فقد حكى هو في "المنهاج" فيه وجهين فقال: والأصح وجوب أجرة حمام بحسب العادة، وعن ماء غسل جماع ونفاس لا حيض واحتلام في الأصح.
هذا لفظه، وهو غريب جدًا حيث نفي الخلاف في الكتاب المبسوط وأثبته في "المختصر".
وأغرب من ذلك كونه جعله عمومًا؛ فإنه عبر بالأصح، وقد اصطلح علي أن هذه الصيغة للخلاف القوي، والرافعي -رحمه الله- سالم من ذلك؛ فإنه لما جزم في الشرحين بعدم الوجوب لم ينف الخلاف، فغايته أنه حكي في "المحرر" خلافًا لم يحكه في الشرحين.
واعلم أن هذا الوجه الغريب مستنده صحيح؛ فقد رأيته مجزومًا به في "فتاوي القفال" فقال: مسألة: إذا احتلمت المرأة فثمن الماء علي الزوج؛ لأنه لحاجتها بخلاف ما لو زنت أو وطئت بالشبهة.
هذه عبارته من غير زيادة عليها.
وحكاه أيضًا صاحب "البحر" في باب الغسل؛ فإنه حكي في الجنابة والحيض والنفاس طريقين حاصلهما ثلاثة أوجه:
أحدها: علي الزوج في الجميع.
وثانيها: علي المرأة.
وثالثها: يجب عليها من الحيض والنفاس لأن التسليم واجب عليها فلزمها ثبوته بخلاف الجنابة. وهو تعليل قوي.
ويستفاد من كلام "الروضة" الذي ذكرناه من كلامه عقب هذا الذي سنذكره أيضًا.
وجهًا رابعًا: أنه إن كان سببه كالجماع] (١) والنفاس لزمه، وإن لم يكن بسببه كالحيض والاحتلام فلا.