رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبعده من غير نزاع ولا إنكار، ولم ينقل أن امرأة طالبت بنفقة بعده، ولو كانت لا تسقط مع علم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بإطباقهم عليه لأعلمهم بذلك ولقضاه من تركة من مات ولم يؤقته، وهذا مما لا شك فيه.
الأمر الثاني: أن تصوير المسألة بالأكل معه علي العادة يشعر بأنها إذا أتلفت ذلك المقدار أو أعطته لغيرها أن النفقة لا تسقط، وبأنها إذا أكلت معه دون الكفاية لا تسقط، وبه صرح في "النهاية".
وعلي هذا فهل لها المطالبة بالجميع أو بالتفاوت؟ فيه نظر.
الأمر الثالث: أن التعبير بالبالغة تعبير ناقص؛ فإنها قد تكون سفيهة أو مجنونة وحينئذ فتكون كالصغيرة؛ فالصواب التعبير بالرشيدة.
قال الإمام: وإذا قلنا بالسقوط فكأن نفقتها مترددة بين الكفاية إن أرادت وبين التملك علي قياس الأعواض إن طلبت. قال: وهذا حسن غامض.
قوله: ولو تراضيا باعتياضها عن النفقة دراهم أو دنانير أو ثيابًا ونحوها جاز على الأصح لأنه مستقر في الذمة كمعين.
والثاني: لا؛ لأنه طعام يثبت في الذمة عوضًا فصار كالمسلم فيه، وأيضًا فهو بيع طعام في الذمة فأشبه بيع طعام الكفارة.
ولو اعتاضت خبزًا أو دقيقًا أو سويقًا فالأكثرون علي المنع؛ لما سبق، ولأنه ربا. انتهى.
والتعليل بكونه ربا قد اقتصر عليه في "الروضة"؛ وحينئذ فيتعين تصوير المسألة بما إذا كان العوض من جنس المعوض كما إذا اعتاض عن الحنطة مثلًا بدقيقها أو خبزها أو سويقها، وكذا في الشعير ونحوه.
فإن اعتاضت عن الحنطة دقيق الشعير ونحوه جاز لأن بيعه به جائز؛ إذ المحذور -وهو التفاضل- جائز هنا لاختلاف الجنس.