الأمر الثالث: أن فائدة الخلاف قد ظهرت من كلام الماوردي.
قوله: ثم ذكر في "الكتاب" من فوائد القولين صورتين:
إحداهما: لو اختلفا في التمكين فقالت المرأة مكنت وأنكر الزوج، فإن قلنا: النفقة تجب بالتمكين، فالقول قول الزوج؛ لأن الأصل عدم التمكين، وإن قلنا تجب بالعقد، فالقول قولها؛ لأن الأصل عدم النشوز.
ثم قال: وقوله في "الكتاب": فعلي هذا لو تنازعا [في النشوز كذا ذكره هاهنا، وفي "الوسيط" ولفظ الأكثرين: لو تنازعا] في التمكين كما ذكرناه، وكذلك هو في "البسيط" وسببه أن يكون الذي ذكره هاهنا محمولا عليه، فأما إذا توافقا علي حصول التمكين ثم اختلفا على النشوز بعده فينبغي أن يقطع بصدقها لأن الأصل استمرار الواجب، وهكذا صرح به ابن كج وحكي معه وجهًا ضعيفًا أن القول قوله؛ لأن الأصل براءة الذمة. انتهى كلامه.
وما ذكره في حمل النشوز في كلام "الوجيز" على التمكين ذهول عجيب؛ فإن القديم لا يوجب النفقة بالتمكين بل بالعقد بشرط عدم النشوز كما تقرر لك في هذا الباب؛ وحينئذ فيتعين تصوير النزاع في النشوز. وأما النزاع في أصل التمكين أو في [النشوز] الواقع بعد التمكين فغير ما نحن فيه.
واعلم أن دعوى المرأة وقوع العقد مع التمكين أو مع عدم النشوز مسموعة إن انضم إلى ذلك طلب حق من حقوق الزوجية، فإن لم ينضم إليه ذلك فتكون كدعوى الزوجية المجردة، والأصح فيه القبول لأنه ينفع في الحق.