للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا إباحة، وفي كل من التعبيرين نظر.

الأمر الثاني: أن تعبير الرافعي يدل بظاهره على بقاء العقوبة في الآخرة وإن استوفي منه القصاص أو الدية، وقد تابعه في "الروضة" عليه ولكنه أجاب في "فتاويه" بخلافه وقال: إن ظواهر الشرع تدل على السقوط، وذكر مثله في "شرح مسلم".

ودليله الحديث الصحيح في مسلم: "من ارتكب شيئا من هذه القاذورات فعوقب به كان كفارة له وإن لم يعاقب به فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه" (١).

الأمر الثالث: أن [الرافعي] قد أهمل ما يتعلق بالقتل في الدنيا أيضًا التعزير وذلك في كل قتل أثم به وامتنع وجوب القصاص فيه؛ وذلك كقتل السيد عبده والوالد ولده كما نص عليه الشافعي في "الأم"، ومنه قتل المسلم للذمي والحر للعبد أو المبعض، ومنه عمد الخطأ وشريك المخطئ، ونحو ذلك. ثم قد يكون إيجاب ذلك مع الضمان كما مثلناه، وقد يكون بدونه كقتل نساء أهل الحرب وصبيانهم.

وإن قيل: كيف يجب التعزير في الصور السابقة مع أن الكفارة فيها تجب والقاعدة أن التعزير يجب في ما لا عقوبة فيه من حد أو كفارة؟ .

فالجواب: أن الكفارة في مقابلة إعدام النفس وليست في مقابلة ما ارتكبه من الإثم والتعدي بدليل وجوبها في قتل الخطأ، وإذا لم تكن الكفارة في مقابلة ذلك فلابد له من شيء يقابله فيشرع [التعزير]؛ فافهم ما ذكرته فإنه دقيق.

الأمر الرابع: أن ما ذكره من أن قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كتاب الله القصاص" (٢). تقرير لشرع من قبلنا كلام عجيب فإنه إخبار عما في كتاب


(١) أخرجه مسلم (١٧٠٩) من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -.
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>