وما ادعاه من عدم التفرقة بين المميز وغيره قد تابعه عليه في "الروضة" وليس كذلك؛ فقد فرق بينهما ابن الصباغ في "الشامل" والمتولي في "التتمة"، وهو مقتضى ما في "التهذيب" و"البيان".
قوله: ولو قدمه لبالغ عاقل ولم يبين له حاله ففي القصاص قولان مرويان عن الأم؛ قياس ما سبق منهما عدم وجوبه.
ثم قال: وطرد في "التهذيب" القولين فيما إذا قال: كل وفيه شيء من السم لا يضر، وفيما إذا جعل السم في دَنّ ما على الطريق فشرب منه إنسان ومات، وليكن الفرض فيما إذا كان طريق شخص معين إما مطلقا أو في ذلك الوقت، وإلا لم يتحقق العمد به.
انتهى كلامه. فيه أمران:
أحدهما: أن ما نقله عن البغوي من إجراء القولين في هذه الحالة وأقره قد تابعه عليه في "الروضة"، وهو مردود مخالف لما قاله الشافعي؛ فإن الشافعي في "الأم" لما نص على القولين ذكر هذه المسألة ولم يخرجها عليها بل جزم بأنه لا شيء فقال: ولو قال له: في هذا سم ولا يتلف صاحبه، أو يتلفه، أو قل ما يتلف به، فشربه فمات لم يكن على الذى خلطه له ولا أعطاه إياه عقل ولا قود.
هذا لفظ الشافعي بحروفه.
وصرح الماوردي في "الحاوي" أيضًا بأنه لا شيء جزمًا.
الأمر الثاني: أن ما جزم به الرافعي من أن العمدية تعمد تعيين الشخص قد اختلف فيه كلام "الروضة" فجزم هنا به، وكذلك في الباب الرابع المعقود لموجب الدية في المسألة الثامنة من الطرف الرابع وخالف الموضعين المذكورين قبيل كتاب الديات فرجح من "زوائده" وجوب