وإذا انتفي لزم أن لا يجب عليه شيء أصلًا لا نصف الدية ولا كلها، والمسألة مذكورة في "التهذيب" على الصواب فلما نقلها الرافعي منه جعل تفريع أحد القولين للآخر فوقع في الوهمين معًا.
قوله في أصل "الروضة": ولو قال: اقطع يدي، فقطعها فلا قصاص ولا دية قطعًا. انتهى.
والذي ادعاه من عدم الخلاف محله إذا لم يمت، فإن مات من القطع ففيه الخلاف فيما إذا قال: اقتلني؛ والأصح فيه عدم الوجوب أيضًا؛ كذا ذكره قبيل كتاب الضمان.
قوله: ولو قال: اقذفني وإلا قتلتك فقذفه ففى وجه: لا حد عليه كما لو قال: اقطع يدى فقطعه.
قال في التهذيب: والصحيح وجوبه بخلاف القصاص؛ لأنه قد يستعين بغيره في قتل نفسه أو قطعه ولا يستعان بالغير في القذف فيجعل القاذف مبتدئًا.
انتهى كلامه. فيه أمران:
أحدهما: أن الرافعي قد صحح في موضعين من "الكتاب" عدم الوجوب ونقله عن الأكثرين علي خلاف هذا التصحيح الذى نقله هنا وأقره: أحدهما في آخر الباب الأول من أبواب اللعان، وثانيهما في حد القذف، ثم إنه فرض المسألة في الموضعين المذكورين في الإذن المجرد عن الإكراه فما ظنك مع الإكراه كما فرضه هنا.
الأمر الثاني: أن ما نقله عن البغوي من تصحيح ذلك مع الإكراه تبعه على نقله عنه في "الروضة" أيضًا، وهو غلط؛ فإنه إنما صحح ذلك في الأمر المجرد فقال: ولو قال لآخر: اقذفني فقذفه، فقد قيل لا حد عليه لأن الحق له كما لو قطع يده بإذنه لا قود عليه، والصحيح أنه يجب ..