واعلم أن الرافعي قد قال في آخر الباب: أنه إذا صالح عن القصاص على عبد أو ثوب جاز وإن لم تكن الدية معلومة لهما، فإن تلفت العين قبل القبض أو خرجت مستحقة أو ردها بعيب فلا رجوع إلى القصاص.
وهل يرجع بقيمة العين أو بأرش الجناية؟ يبنى على أن بدل الصلح عن الدم مضمون ضمان العقد أم ضمان اليد، وفيه خلاف ذكرناه في البيع. هذا كلامه.
وجزمه بذلك مع الجهل بمقدار الدية يدل على أن المقابل بالعبد والثوب القصاص دون الدية، ويؤيده حكايته للخلاف في أن ذلك المال مضمون ضمان يد أو عقد ولم يلاحظا في ذلك النظر إلى الدية، ومقتضى ذلك أنه لا فرق بين أن تكون قيمته تنقص عن قدر الدية أو تزيد عليها، وإذا ظهر ذلك ظهر أن ما ذكره الرافعي هنا محله إذا كانت الإبل المصالح عليها في الذمة بالصفة الواجبة في جناية العمد فإنه يصح حينئذ أن يقال في تعليل المنع أن في المصالحة على ذلك زيادة على الواجب، أما إذا وقع على إبل بغير تلك الصفة إما معينة أو في الذمة؛ فهي كالمصالحة على العبد والثوب فينبغي الجزم فيها بالصحة على القولين.
قال في "المطلب": ويرشد إلى ذلك قول القاضي في كتاب البيع حيث حكى القول بجواز بيع الصلح عن دم العبد أنه مخصوص بما إذا قلنا أن موجب العمد القود عينا أو قلنا الواجب أحد الأمرين وصرح بالمصالحة عن القود دون ما إذا صرح بالمصالحة عن الدية.
قوله: الثانية: قطع عضوًا من شخص فقال: عفوت عن هذه الجناية ولم يزد، فإن اندملت فعن نصه في "الأم": أنه عفو عن القود، وعن الأصحاب أنه مفرع على قولنا أن موجب العمد القود.