باب الشركة بدليل أن مستحق الطرف لا يحتاج في القصاص إلى استئذان مستحق النفس.
الأمر الثاني: من الواضحات أن القول في المسألة الثانية بسقوط الطرف عند العفو عن النفس أقرب من القول به في المسألة الأولى فإنه إذا أسقط حق الغير لما يتخيل من الشركة فعند الخلوص له أولى، وقد ظهر لك ذلك أيضا من كلام الرافعي فإنه عبر في الأولى بقوله ولا شك ثم ذكر الثانية وحكى فيها وجهًا عن الغزالي وتوقف فيه.
إذا علمت ذلك علمت صحة الوجه الذى ذكره في الوسيط وقائله ومن أين أخذه، وقد توهم النووي أنه لا أصل له فقال في "الروضة"(١): وانفرد الغزالي بحكاية وجه.
هذا لفظه، وقد صرح في "البسيط" أيضا بهذا الوجه وعلله بما ذكره في "الوسيط".
قوله: ولو رمى الولى إلى الجاني ثم عفا قبل الإصابة ففي نفوذه وجهان نقلهما الإمام: أحدهما: أنه لا ينفذ؛ لخروج الأمر عن اختياره.
وأظهرهما -وهو المذكور في "الكتاب"- أنه كقطع اليد؛ فإن لم يصبه السهم فالعفو صحيح وإن أصابه فقتله بان أن العفو باطل، وفى وجوب الدية على العافي وجهان سبق ذكرهما في فصل تغير الحال بين الجرح والموت، والأصح عند صاحب "التهذيب" ويحكى عن القفال أنه تلزمه الدية لأنه محقون الدم عند الإصابة. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن ما نقله عن صاحب "التهذيب" هنا قد صرح -أعنى الرافعي- بتصحيحه في الفصل الذى نص على سبق ذكر الوجهين فيه، وبالغ في تصحيحه مبالغة شديدة وتابعه عليه في "الروضة" أيضًا هناك