أحدهما: أن ما ذكره عن "التتمة" من حكاية خلاف في الحلمة إذا لم يتدل الثدي قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" وهو غلط؛ فإنه جازم بالوجوب بل صرح بعدم الخلاف فيها، وإنما حكى الخلاف في الثدي نفسه، فإنه ذكر المسألة في الباب الخامس في الجنايات على ما دون النفس في الفصل الثالث منه فقال: التاسعة: الرجل إذا قطع حلمة رجل وهو رأس الثدي يلزمه القصاص لأنه جزء مفرد عن غيره فهو كالأذن، وكذلك المرأة إذا قطعت حلمة امرأة يلزمها القصاص لما ذكرناه، وكذلك إذا قطعت حلمة ثديها يجب القصاص على المذهب المشهور سواء كان قد تدلى أم لا لأنه جزء مفرد عن غيره، وقيل: فيه وجه آخر أنه إن كان قد تدلي ثديها يجب القصاص لتمييزه، وإن لم يكن قد تدلي لا يجب لأنه متصل بلحم الصدر وكان بمنزلة الإليتين هذه عبارة المتولي.
ثم صرح بعد ذلك بعدم الخلاف في الجملة فقال: فأما الرجل إذا قطع حلمة امرأة فيلزمه القصاص بلا خلاف.
الأمر الثاني: أن ما نقله عن البغوي من عدم القصاص في الثدي واقتضى كلامه عدم الوقوف على ما يخالفه، وأنه ليس فيه إلا البحث الذى ذكره قد تابعه عليه أيضًا في "الروضة" وهو عجيب فقد ظهر لك من الكلام الذى نقلناه عن "التتمة" أن المذهب المشهور وجوب القصاص، وأغرب من ذلك أن الرافعي قبل ذلك قد ذكر هذا الفصل جميعه عن "التتمة" أيضًا، ونقل هاتين المسألتين عنه على الصواب فقال قبل كتاب الديات: فصل في "التتمة" إن حلمة الرجل تقطع بحلمة الرجل وحلمة المرأة بحلمة المرأة والثدي بالثدي، وفيما إذا لم يتدل وجه ضعيف لأنه لا يميز عن لحم الصدر. هذا كلامه واللفظ "للروضة".