وحذف النووي هذا الكلام فلم يتعرض له بالكلية وكأنه توهم صحته فحذفه لكونه خارجًا عن مقصوده من تجريد الأحكام دون الاعتراض على ما وراءها.
الأمر الثاني: أن مسألة الصلب التى ذكرها في الاستدلال حاصلها الجزم بوجوب الدية في الصلب؛ فإنه جعله أصلًا مقيسًا عليه ولكنه قد صحح قبل ذلك أن كسر الصلب لا دية فيه إنما تجب فيه الحكومة.
ذكر ذلك في الكلام على دية السمع في أثناء بحث مع الغزالي وحذفه من "الروضة"، وجزم به هو والنووي بعد ذلك في الكلام على الإمناء والإحبال والجماع.
الأمر الثالث: أن ما ذكره من أن كسر الصلب إذا تعطلت به منفعة الرجل من المشى لا تجب به دية أخرى هو نظير ما إذا ارتيق داخل الأذن بالجناية وامتنع نفوذ الصوت ولم يتوقع زوال الإرتياق، والأصح: أن الواجب فيه الحكومة، وقيل الدية، وهكذا الحكم إذا زال سمع صبى فتعطل نطقه لأن نطق الصبي إنما هو بوساطة سماعه من أبويه وغيرهما.
وحاصله أنه إذا جنى على عضو فتعطلت منفعة آخر لا يجب شيء للذى تعطل لكنه خالفه فيما إذا كسر صلبه فذهب مشيه وجماعه؛ فإن الرافعي صحح وجوب ديتين وعلله بأن المشي في الرجل لا في الصلب وقد فات المشي وإن كانت الرجل سليمة.
واعلم أنه إذا كسر صلبه فتعطل مشيه فقطع قاطع رجليه فقد صحح الرافعي وجوب الدية في قطعهما لأنهما صحيحتان، وهذا التصحيح موافق لما تقدم من عدم وجوب الدية إذا كسر صلبه فتعطل مشيه.
قوله: ولو جنى على لسان فأبطل صوته واللسان على اعتداله وتمكنه