تابعه في "الروضة" على جعل الخلاف في الأخذ من الجاني وجهين، وخالف في "المنهاج" فجعل الخلاف قولين، وسبب ما وقع في "المنهاج" أن الرافعي عَبّر في "المحرر" بالأظهر ولم يزد عليه فتابعه عليه النووي غافلًا عن اصطلاحه أو غير كاشف عن حقيقة الخلاف فوقع في التناقض.
قوله: وإذا اعترف الجاني بالخطأ أو شبه العمد وكذبه العاقلة وجبت الدية عليه، فلو مات معسرًا، قال البغوي: يحتمل أن تؤخذ الدية من بيت المال كمن لا عاقلة له، ويحتمل المنع كما لو كان حيًا معسرًا.
قال في "الروضة": الاحتمال الثاني أرجح قوله: وإن كان بعض العاقلة حاضرًا وبعضهم غائبًا واستووا في الدرجة فهل يقدم الحاضر؟ فيه قولان، أصحهما: لا، بل يسوى بينهم.
ثم قال: والنظم هاهنا وفي "الوسيط" يشعر بتخصيص الخلاف بما إذا كانت المسافة بحيث لا يمكن التحصيل منها في سنة حتى إذا كانت دون ذلك لا يقدم الحاضر بلا خلاف، وكلام الشافعي والأصحاب لا يساعد عليه؛ فإنهم فرضوا فيما إذا كان القاتل بمكة والعاقلة بالشام، وحكوا فيه الخلاف. انتهى كلامه.
وهو يشعر بانفراد الغزالي بذلك حتى أنه في "الروضة" أسقطه بالكلية وهو غريب؛ فإنه الإمام قد صرح بذلك في النهاية فإنه بعد ذكر المثال عن الشافعي بمكة والشام قال في أثناء الكلام: يجب أن لا يجري هذا في كل غيبة وإن كانت إلى مسافة القصر فإن الضرب سهل على من بعد عن مكان القتل بمرحلتين، وكذا لو زادت المسافة؛ فلابد من رعاية التعذر، وأقرب معتبر في هذا التعذر عندي متلقي من الأجل الشرعي؛ فإن كان يمكن تحصيل الغرض من الغيبة في مدة سنة فليس الأمر متعذرًا، وإن كان لا يتوصل إلى الضرب عليهم في سنة فيمكن أن يقضى عند ذلك بالتعذر،