الأمر الثاني: أن النووي قد حصل له في "الروضة" غلط فاحش وذهول عجيب فإنه سوي بين المسألتين وصحح فيهما معًا عدم الوجوب ثم عقب ذلك بقوله: والخلاف في المسألتين راجع إلى أن الاعتبار بالوزن أم بالقيمة؟ هذه عبارته. ولو اقتصر على التصحيح فيها ولم يعقبه بما عقب لكان أستر له، بل أقام دليلًا قطعيًا على غلطه.
وأعجب من ذلك أنه لما صحح في الأولى عدم الوجوب عبر بالأصح ولما صحح في الثانية عبر بالصحيح فاقتضى أن الذي من حقه أن يصححه في الثانية -وهو الوجوب- ضعيف بالنسبة إلى تصحيحه في الأولى، وذلك كله عجيب وأوقع النووي في الغلط تعبير الرافعي بقوله: ففي القطع وجهان.
قوله: وإذا ادعى السارق الملك لنفسه لم يقطع على المنصوص الذي قال به أكثر الأصحاب، فإن قلنا به فسرق اثنان وادعى أحدهما أن المسروق لنفسه أو لهما وأنكره الآخر واعترف بالسرقة فلا قطع على المدعي، وفي المنكر وجهان: أظهرهما عند الإمام والغزالي أنه يجب، وبه قال ابن القاص واختاره ابن الصباغ لأنه مقر بأنه سرق نصابًا فلا شبهة.
ولو قال أحدهما: هذا ملك شريكي وأخذت معه بإذنه وأنكر الآخر فالذي نقلوه أنه كالصورة المتقدمة لا قطع على من يدعي أنه ملك صاحبه، وفي المنكر وجهان:
قال في "التهذيب" والأولى أن يقال: يجب القطع على المنكر؛ لأنه لا يدعي شبهة، وفي المدعي وجهان.
ثم قال ما نصه: ولو سرق عبد وادعى أن المسروق ملك سيده فإن صدقة السيد سقط القطع تفريعًا على النص وإن كذبه فوجهان: