الأمر الثاني: لقائل أن يقول: لا يخلو إما أن يريد بهذه التبعية أن مشروعية الصلب تابعه لوجود القتل، أو أن مشروعيته تابعه لمشروعيته؛ فإن أراد الأول فهو محل النزاع لأن معناه أنه لا يشرع الصلب إلا إذا وجد القتل قبله، وإن أراد الثاني فمسلم ولا يلزم سقوط الصلب لأن معني ذلك أنه لا يشرع الصلب إلا إذا شرع القتل وقد وجدت مشروعية القتل في مسألتنا فيلزم وجود مشروعية الصلب.
فإن قلت: فقد زالت مشروعية القتل بالموت فتسقط مشروعية الصلب على هذا التقدير. قلنا: بتقدير سقوطها تكون تابعه لوجود القتل لا لمشروعيته، وقد تقدم إبطاله وليس الكلام فيه؛ فثبت أن المراد على الاحتمال الثاني إنما هو بتبعتها لأصل المشروعية لا لبقائها ودوامها، وأصل المشروعية قد وجد.
واعلم أن النقال الراوي لهذا النص هو بنون بعدها قاف، وقد تقدم الكلام عليه في مقدمة الكتاب، وسبق أيضًا التعرض له في أواخر الجناية الخامسة.
قوله: وهل تؤثر التوبة في إسقاط حد الزنا والسرقة والشرب قبل القدرة وبعدها؟ فيه قولان: أصحهما -على ما ذكره الإمام وصاحب "التهذيب" وغيرهما وينسب إلى الجديد- أنها لا تؤثر. والثاني -ورجحه جماعة من العراقيين- أنها تؤثر. انتهى.
فيه أمران:
أحدهما: أن الأصح من هذين القولين هو الأول كذا صححه الرافعي في باب حد الزنا وصرح بأنه الجديد فقال: وأصحهما -وهو الجديد وبه قال أبو حنيفة- أنه لا يسقط هذا لفظه.