أحدهما: أن اقتصار الرافعي والنووي على نقل احتمالين عجيب مؤذن بأنهما لم يقفا على خلاف صريح للأصحاب، وقد صرح الإمام بنقله في آخر هذا الباب فقال: وقد تردد العلماء على وجه آخر فقال قائلون: تجب حدود على أعداد الزنيات ثم تتداخل، وقال آخرون: الزنيات إذا لم يتخللها الحد كالحركات في زنية واحدة، وهذا أقرب.
هذه عبارة الإمام، وكأن الرافعي استحضر لفظ التردد الواقع أولًا في كلام الإمام وغفل عما بعده أو لم يقف على كلام النهاية.
الأمر الثاني: أنا قد استفدنا أيضًا من كلام الإمام أن الراجح هو الاحتمال الثاني وهو ظاهر.
قوله: ولو زنا وهو بكر ثم زنا قبل إقامة الحد عليه وهو قد أحصن فوجهان: أصحهما -عند الإمام وصاحب الكتاب- أنه يكتفي بالرجم ويدخل الجلد فيه، وأصحهما -عند صاحب التهذيب وغيره- أنه يجمع بينهما. انتهى.
لم يصحح شيئا في "الشرح الصغير" أيضًا ولا في "الروضة" هنا، والصحيح وجوب الحدين؛ فقد قال الشيخ أبو على السنجي: إنه ظاهر المذهب.
قال: وعلى هذا لو زنا العبد ثم عتق فزنا قبل الإحصان فقيل: عليه خمسون جلدة لزناه في الرق، ومائة لزناه في الحرية، لاختلاف الحدين، والأصح أنه يجلد مائة فقط ويدخل الأقل في الأكثر لاتحاد الجنس. كذا نقله عنه الرافعي في الباب الثاني من أبواب اللعان وجزم به أيضا في مسألتنا الشيخ أبو إسحاق في "التنبيه" وأبدي الاقتصار على الرجم احتمالًا له فقط فقال: جلد ورجم، ويحتمل أن يقتصر على رجمه. هذا لفظه. وهو يدل على أنه لا يعرف في المذهب غيره، وصححه النووي في "أصل