الإبراء، وقد منع بعض الفقهاء تبليغ مدة الحبس في التعزير سنة نظرًا إلى مدة الحبس في التعزير في حد الزنا، وهذا عندي فاسد كما قدمت ذكره.
وليس التغريب حدًا كاملًا وإنما هو جزء من حد. هذا كلامه، ذكر ذلك قبيل نصف الكتاب بقليل.
نعم المثال الذي مثل به وهو الحبس في وفاء الحق متجه مسلم لأجل استمرار المنع على التلبس بالمعصية وقد صرح الرافعي في مواضع بذلك وبما هو أبلغ منه؛ منها في باب تارك الصلاة تعليلًا لوجه فقال: وعن صاحب "التخليص" أن الممتنع من الصلاة. ينخس بحديدة ويقال له: قم صل، حتى يصلي أو يموت؛ لأن المقصود حمله على الصلاة فإن فعل فذاك وإلا عوقب كما يعاقب الممتنع من سائر الحقوق ويقاتل. هذه عبارته.
وذكر النووي في باب طهارة البدن والثوب من "شرح المهذب" نحوه فقال في تعليل إكراه من جبر عظمه بعظم نجس بلا ضرورة ما نصه: لأنه حصل بفعله وعدوانه فانتزع منه وإن خيف عليه التلف كما لو غصب مالًا ولا يمكن انتزاعه منه إلا بضرب يخاف منه التلف. هذه عبارته.
وذكر ابن الرفعة عن الزبيري أنه قدر ذلك بستة أشهر قال: وغيره لم يقدرها.
والتقدير بما قاله الزبيري هو على طريقة من يقول: لابد أن ينقص التعزير عن أدني الحدود مطلقًا والعبد يغرب نصف عام فلذلك وجب النقصان عنه، وأما المنصوص عليه في "الأم" فإنه مفرع على الصحيح؛ وهو أن العبرة بأدني حدود المعزر؛ وحينئذ فكلام الشافعي محمول على الحر فأما العبد فيتعين النقصان عن ستة أشهر؛ وبهذا يظهر أن في نقل الأشهر الستة عن الزبيري خللًا، وأن الصواب التقييد: لما دونها لا بالستة نفسها.