واعلم أن كلام الرافعي صحيح واضح، وهذا الخلل إنما حصل من سوء اختصار النووي؛ فإن الرافعي إنما حكي الخلاف أولًا في الذميين والعبدين خاصة ثم فرع عليهما فإنه قال: ثم إذا ضمن العاقلة أو ضمن بيت المال فهل يثبت الرجوع على الذميين والعبدين؟ فيه وجهان، وفي أمالي أبي الفرج تخصيص الوجهين بما إذا غرمنا بيت المال أحد الوجهين ثبوت الرجوع .. إلى آخره.
ثم قال: التفريع إذا أثبتنا الرجوع طولب الذميان، ثم ذكر ما ذكره في "الروضة" وهو حسن لا إشكال عليه ولا إلباس لديه، وقد أعاد الرافعي المسألة قبل كتاب الدعاوي وحكي عن جماعة أن المزكين يغرمون.
قوله: وذكر الإمام أن هذا الخلاف يناظر الخلاف في أن القاضي الحنفي إذا قضي للشافعي بشفعة الجوار وبالتوريت بالرحم والرد هل يحل للمقتضي له. قال: والوجه عندنا القطع بأنه لا يحل أن يأخذ ما يخالف معتقده. انتهى كلامه.
والأصح في هذه المسائل وأشبهها هو الحل باطنًا على خلاف ما نقله عن الإمام وأقره. كذا صححه الرافعي في باب القسامة.
قوله: ولو قطع يدًا صحيحة بإذن صاحبها لم يجب شيء بلا خلاف، فإن سرى إلى النفس وجبت الدية على قول، والأظهر خلافه. انتهى.
وما ذكره من إيجاب الدية على القول بالوجوب، وتابعه عليه في "الروضة"، والصواب -كما نبه عليه ابن الرفعة وغيره- إنما هو النصف فقط لأنه قد أسقط ما يقابل النصف وهو دية اليد؛ ولهذا لو قطعت يده فقال: عفوت عن هذه الجناية وما يحدث فيها أو سكت عن الذي يحدث فسري إلى النفس وجب النصف فقط. والخلاف المذكور قد حكاه الرافعي