ثم قال: وقضية كلام الأكثرين تصريحًا وتلويحًا أنه لا فرق -أى في عدم الوجوب- بين الحريم وغيره لا في الماء الراكد ولا في الجاري. انتهى ملخصًا.
وفيه أمران:
أحدهما: أن الصحيح جريان [خلاف](١) التباعد في النهر العظيم على وفق الوجه المنقول عن "البسيط" مخالفًا لما جزم به في "الوجيز"، فقد صرح الرافعي في "الشرح الصغير" بأن الأكثرين قالوا به ونقل الفرق عن الإمام والغزالي خاصة، وصحح النووي في أصل "الروضة" الفرق بينهما كما قاله في "الوجيز" فاعلمه واجتنبه، فإن الرافعي لم يصحح في "الكبير" شيئًا، وقد بين في "الصغير" أن الأكثرين على خلافه.
وسبب وقوع النووي فيما وقع فيه أن الرافعي ذكر في أول الفصل أنه يشرح كلام الغزالي على ما هو عليه إلى آخر الفصل، ثم يتعقبه فلم يتعقب هذا ولا التزم القول بما فيه على ما هو عليه إلى آخر الفصل فلم يستحضر النووي حالة الاختصار ما قدمه أو استحضره فظن بسكوته عليه أنه المعروف فوقع فيما وقع.
ولا شك أن سكوت الرافعي وهم، ولم يتعرض في "شرح المهذب" لشيء من هذا بالكلية.
الأمر الثاني: أن النووي في "الروضة" قد اختصر موضع الخلاف بقوله: وفيه وجه: أنه يجب اجتناب الحريم خاصة وبه قطع الغزالي وطرده في حريم الراكد أيضًا. هذه عبارته من غير زيادة عليها.
فدعواه أن الغزالي قطع به عجيب، فإن الرافعي قد نقل عنه أنه ذكر الخلاف في "البسيط"، وأما في "الوجيز" فإنه جزم ولم يقطع.