والتمثيل بهذا العدد مع التكليف فيه بالتنصيص على المائة والآحاد والعشرات مع إمكان التعبير بالمائتين تبعه عليه في "الروضة" أيضًا، وهو ذهول؛ فإن المائتين في الحكم كذلك لأن الفرار لا يجوز من الضعيف، والغزالي -رحمه الله- قد وقع في هذا الموضع فقال في "الوسيط": وكذا الخلاف في فرار عشرين من ضعفاء المسلمين عن تسعة وثلاثين من أبطال الكفار، وعبر في "البسيط" بقوله: وكذلك لو كان عدد الكفار ناقصًا عن الضعف لكنهم أبطال. هذا لفظه.
وكأن الغزالي توهم أن الضعف هنا كالزائد فعبر بما ذكر ثم قلده فيه الرافعي فحصل ما حصل، وقد ذكره الإمام في "النهاية" على الصواب فقال: وهل للمسلمين الفرار إذا قاتلهم أبطال الكفار وغلب على الظن غلبتهم ولم يزيدوا على الضعف فعلى الخلاف المتقدم. هذا كلامه.
قوله: وإذا جاز الفرار نظر إن غلب على ظنهم أنهم إن ثبتوا ظفروا استحب الثبات وإن غلب على ظنهم الهلاك ففي وجوب الفرار وجهان.
وقال الإمام: إن كان في الثبات الهلاك المحض من غير نكاية وجب الفرار، وإن كان فيه نكاية فوجهان. انتهى.
قال في "الروضة": الذي قاله الإمام هو الحق.
قال: وأصح الوجهين أنه لا يجب بل يستحب.
قوله: والنص فيما إذا تحرف للقتال ثم انقطع عن القوم قبل أن يغنموا أنه لا يشاركهم.
وهل يشارك المتحيز إلى الفئة القريبة الغانمين في المغنوم بعد ما ولى؟ ذكر صاحب "الكتاب" فيه وجهين أشبههما الاستحقاق؛ لأنه لا تفوت نصرته والاستنجاد به فهو كالسرية تشارك الإسلام فيما يغنمون إذا كانت بالقرب منهم.