ولو شرطوا أن يعود حرم العود، فإن شرطوا العود أو يبعث إليهم مالًا فالعود حرام، وأما المال فإن شارطهم عليه مكرهًا فهو لغو وإن صالحهم مختارًا لم يجب بعثه؛ لأنه التزام بغير حق لكن يستحب؛ وفي قول: يجب، لئلا يمتنعوا من إطلاق الأسارى، وفي قول قديم: يجب المال أو العود، والمشهور الأول. هذا كلامه.
وحينئذ فنقول: مقتضى هذا الكلام بطلان اشتراط المال سواء شرطه وحده أو مع غيره فإنه علله بكونه التزاما بغير حق ولم يعلله بشئ آخر، وأيضًا فلو كان شرط المال صحيحًا لكان شرط العود معه المحكوم ببطلانه إما أن يقتضي الصحة في الآخر وهو المال أو الرجوع إلى بدل ذلك وهو ما يبذل في العادة في مثل هذا الأسير؛ فإن فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه.
وأما المسألة الثانية: وهي امتثال الأمر فقد جعله هناك كالإكراه فقال عقب الموضع الأول: إنه إذا اشترى منهم الأسير شيئًا ليبعث ثمنه وكان مكرهًا على قبوله فإن العقد لا يصح على المنصوص، وفي قول: يصح، لأنها معاملة مع الكفار.
ثم قال: ولم يجز عقد بل قالوا: خذ هذا وابعث لنا كذا من المال، فقال: نعم، فهو كالشراء مكرهًا. هذا كلامه.
وقياسه أن يقال في مسألتنا وهي ما إذا قال له: افد نفسك بكذا، أنه كالفداء مكرهًا حتى لا يلزمه المال، وأيضًا فقوله: خذه، ليس صريحًا في البيع بل يتوقف على النية ولم يفرض الرافعي وجودها؛ وحينئذ فكيف يكون مقبوضًا بالبيع؟ بل يحتمل الهبة أيضًا والقرض والوديعة ويكون الأمر ببعث المال طلبًا لشئ آخر في مقابلة ما أحسن إليه مثلًا.
قوله في المسألة: فلو استولى المسلمون على المال الذي فدا به الأسير