للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما بطلان تفسير الصغار في الآية بذلك فلأن الله تعالى أوجب مقاتلتهم إلى إعطاء الجزية فقال: {قَاتِلُوا الَذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} (١) فجعل غاية المقاتلة إعطاء الجزية، والمقاتلة تنقطع بالالتزام إجماعًا؛ فيبطل بذلك تفسير الإعطاء بالدفع؛ فصار هذا كقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَلَاةَ وَآتَوُا الزَكَاةَ فَخَلُوا سَبِيلَهُمْ} (٢)، ثم إن الرافعي -رحمه الله- في أول الباب قد فسر الصغار أيضًا بذلك فقال: الأصح عند الأصحاب تفسير الصغار بالتزام ذلك وقالوا أشد الصغار على المرء أن تحكم عليه بما لا يعتقده ويضطر إلى احتماله.

واعلم أن النووي -رحمه الله- قد أنكر أيضًا أيضًا هذه الكيفية إلا أنه لم يطلع على ما ذكرناه من النصوص ولا أبدى ما ذكرناه من ما يبطل التفسير بها بل استند إلى كلام بعض الأصحاب فقال: قلت: لا نعلم لهذه الكيفية أصلًا معتمدًا وإنما ذكرها طائفه من أصحابنا الخراسانيين، وقال جمهور الأصحاب: تؤخد الجزية برفق كأخذ الدين. هذا خلاصة ما ذكره.

قوله: ويجوز أخذ الجزية باسم الزكاة ولكن بضعف الواجب؛ فنأخذ مثلًا من خمس من الأبل شاتين ومن ست وأربعين حقتين، فإن لم نجدها فبنتي لبون مع الجيران.

وفي تضعيف الجبران وجهان: أحدهما: يضعف فيأخذ مع كل بنت مخاض [شاتان أو عشرين درهمًا .. إلى أخره.

وهذا الكلام قد تابعه عليه في "الروضة" أيضًا وهو خطأ ظاهر وسببه إسقاط شيئًا من مسودة الرافعي "الشرح الصغير" فإنه قال: فيه وجهان:


(١) سورة التوبة (٢٩).
(٢) سورة التوبة (٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>