وهذا الحكم الذي نقله عن "التهذيب" وأقره عليه مشكل، فإنه يصدق أن يقال: غصبته شهرًا وسنة ونحو ذلك، وقد صرح الأصحاب في باب الغصب وفي مواضع كثيرة أن الغاصب في دوام الغصب غاصب، فوجب القطع بالحنث، وقد جزم به الماوردي في "الحاوي" فلتكن الفتوى عليه.
وقد اغتر النووي بهذا النقل فظنه صحيحًا من جهة المعنى، ومجزومًا به عند الأصحاب فأطلقه في "الروضة" من غير إعزائه إلى "التهذيب" فزاد الأمر خللًا وإيهامًا فليجتنب.
قوله: ولو حلف لا يسافر وهو في السفر فتوقف أو أخذ في العود في الحال لم يحنث، وإن سافر على وجهه حنث، وكأن الصورة في من حلف على الامتناع من ذلك السفر، وإلا فهو في العود مسافر. انتهى كلامه.
وما ذكره من حمل العود على هذه الصورة قد تابعه عليه في "الروضة" وهو ذهول عن المنقول، فقد جزم الماوردي في "الحاوي" بأنه لا يحنث، وعلله بقوله: لأنه قد أخذ في ترك السفر.
وحكى وجهين في ما لو أقام بمكانه:
أحدهما: يحنث، لبقائه على السفر.
والثاني: لا، لِكَفِّه عن السير.
واعلم أنه لابد في الوقوف من النظر في أنه وقف ناويًا للإقامة أو قاصدًا لشيء لا يقطع السفر.
قوله: وأصح الوجهين أن الخيام في حق القروي بيت.
ثم قال: واعترض عليه بأن من حلف ببغداد وغيرها أن لا يركبن دابة، لا يحنث بركوب الحمار، وإن كان أهل مصر يسمونه دابة.