الأمر الثاني: أنه قد جعل من هذه الصور الاشتغال بلبس الثياب، وفيه نظر، فقد جزم الماوردي فيه: بأنه لا يحنث مع جزمه بالحنث في الاشتغال بجمع المتاع ونحوه، وهو ظاهر فإن الاستنابة فيه ممكنة بخلاف اللبس.
قوله: فإذا قال: والله لا أساكن فلانًا، فمكث الحالف وبنى بينهما حائلًا ولكل واحد من الجانبين مدخل أو أحدثًا مدخلًا، فوجهان:
أحدهما: لا يحنث لانشغاله برفع المساكنة، وهذا ما رجحه في "التهذيب".
وأصحهما عند الجمهور: الحنث، لحصول المساكنة إلى أن يتم البناء من غير ضرورة. انتهى كلامه.
وما ذكره من ترجيح الحنث ذكر نحوه في "الشرح الصغير" أيضًا، وأطلق الأصح من غير نقله عن الجمهور، وخالف في "المحرر" فقال: أظهر الوجهين أنه لا يحنث، وتبعه النووي في "الروضة" و"المنهاج" على هذا الاختلاف.
قوله في "الروضة": الحالة الثانية: أن لا تعد المساكنة لفظًا فينظر إن نوى موضعًا معينًا من بيت أو دار أو درب أو محلة أو بلد فالمذهب والذي قطع به الجمهور: أن اليمين محمولة على ما نوى.
وقيل: إن كانا يسكنان بيتًا من دار متحدة المرافق ونوى أن لا يساكنه، حملت اليمين عليه، وإن لم يكن كذلك ولا جرى ذكر تلك المساكنة كقول صاحبه: ساكني في هذا البيت، لم يقبل قوله ويحمل اليمين على الدار. انتهى كلامه.
وتعبيره بقوله: ولو نوى أن لا يساكنه حملت اليمين عليه، قد شاهدته بخط النووي كذلك كما هو في النُّسخ أيضًا وهو غير مستقيم، وقد سقط