فمنعه الحاكم من ملازمته ففارقه ففيه قولان: حنث المكره، وإن فارقه باختياره، حنث، وإن كان تركه واجبًا كما لو قال: لا أصلي الفرض، فصلى حنث. انتهى كلامه.
وقد ذكر الرافعي في آخر تعليق الطلاق نظير هذه المسألة -أعني المفارقة بالاختيار- ونقل فيها خلافًا، ومن جملة ما نقله فيها عن الشافعي: أنه لا يحنث، وقد ذكرت المسألة هناك فراجعها.
قوله: ولا يشترط فيه -أي في الضرب المحلوف عليه- الإيلام، ألا ترى أنه يقال: ضربه ولم يؤلمه، ويخالف الحد والتعزير يعتبر فيهما الإيلام؛ لأن الغرض هناك الزجر، وإنما يحصل ذلك بالإيلام، واليمين يتعلق بالاسم، وقال مالك: يشترط الإيلام، وللأصحاب وجه مثله وذكرناه في الطلاق. انتهى كلامه.
وهذا الذي ذكره غريب جدًا، فإنه قد سبق في الطلاق تصحيح العكس، وعبر بالأشهر، ووقع هذا الاختلاف أيضًا في "الروضة" على وجه هو أشد مما وقع في الرافعي، فقال في الطلاق: ويشترط فيه الإيلام على الأصح وقيل: لا يشترط، وعبر هنا بقوله: ولا يشترط الإيلام، وحكى وجه ضعيف. أنه يشترط، وقد سبق في الطلاق. هذا لفظه.
فانظر كيف جعله هناك الأصح وجعله هنا وجهًا ضعيفًا، وجزم الرافعى في "المحرر" والنووي في "المنهاج": بعدم اشتراطه، وبه أجاب الرافعي في البابين من "الشرح الصغير" فإنه صححه في هذا الباب كما صححه في "الكبير"، ونقله في الطلاق عن الأكثرين فقال: شرط بعضهم أن يكون فيه إيلام ولم يشترطه الأكثرون واكتفوا بالصدمة. هذا لفظه.
وهو يقتضي أن ما وقع في "الكبير" هناك من كون الأشهر هو