وأما ما إذا كرر التحريم في الزوجة أو الأمة فينظر، إن قال ذلك في مجلس واحد لزمه كفارة واحدة، فإن اختلف المجلس ونوى التأكيد فكذلك، وإن نوى الاستئناف تعددت الكفارة على الصحيح، وإن أطلق فعلى قولين، كذا نقله الرافعي في أركان الطلاق عن الصيدلاني ولم يخالفه، وجزم به في "الروضة" من غير نقله عن الصيدلاني، وهذان الفرعان قد اشتركا في أن كلًا منهما يقتضي كفارة ناجزة لا تتوقف على الوطء، وقد أوجبوا فيهما عند الاستئناف كفارتين بخلاف اليمين، وقد تقدم الفرق في كلام الرافعي بين الظهار واليمين، وذلك الفرق لا يأتي في ما إذا قال: أنت عليَّ حرام.
فإنها لا تحرم بذلك، وقد يفرق بين اليمين وبينهما بفرق واحد شامل وهو أن التحريم والظهار يوجبان الكفارة إيجابًا منجزًا، فلما أتى اللفظ الثاني وجد الكفارة قد استقرت باللفظ الأول فتعين إيجاب أخرى له، وإلا لزم إلغاؤه بخلاف اليمين، فإن وجوب الكفارة متأخر عنهما لتوقفه على فعل المحلوف عليه فأمكن الاقتصار على كفارة واحدة.
نعم أطلقوا في اليمين ولم يفصلوا بين أن يحلف على مستقبل أو لا، فإن كان الحكم كذلك فلا يزول الإشكال بما ذكرناه.
ويشكل على الفرق أيضًا ما ذكره الرافعي في آخر الظهار فقال: فرع: قال في "التهذيب": لو قال إن دخلت الدار فأنت عليّ كظهر أمي، وكرر هذا اللفظ ثلاثًا فإذا دخلت الدار صار مظاهرًا، فإن قصد التأكيد لم تجب إلا كفارة واحدة وإن قالها في مجالس، وإن قصد الاستئناف تعددت الكفارة ويجب الجميع بعود واحد بعد الدخول، فإن طلقها عقب الدخول لم يجب شيء وإن أطلق فهل يحمل على التأكيد أم الاستئناف؟ قولان. هذا كلامه.