كتعبيره بالقياس والظاهر والراجح ونحوها، وقد فهم النووي أيضًا ذلك فإنه لم يذكر في "الروضة" هذا الاحتمال بالكلية، فدل على أنه ليس عائدًا إلى الصورة الثانية بل إلى الأولى، واستغنى عن التصريح به اعتمادًا على فهم ذلك من تعبيره بالأصح، غير أن تركه لفظ الأصح يشعر على اصطلاحه بأن في المسألة وجهين والمعروف الجزم بأنه يقوم مقام المسجدين المذكورين وهو المجزوم به في "تعليق القاضي الحسين" وغيره والمنصوص عليه في "البويطي" كما ستعرفه.
نعم من يجعل احتمالات الإمام وجوهًا كالغزالي فيحسن منه إثبات الخلاف.
قوله: وهل تقوم الصلاة في أحدهما -أي مسجد المدينة وبيت المقدس- مقام الآخر؟ فيه وجهان. انتهى.
والصواب وجه ثالث وهو أن مسجد المدينة يقوم مقام الأقصى بخلاف العكس، فإن الشافعي قد نص عليه في "البويطي" وهو المذكور في "تعليقة القاضي الحسين" و"التتمة" وغيرهما، وصححه النووي في "الروضة" و"شرح المهذب"، وقد صحح الرافعي والنووي أيضًا ذلك في نظير المسألة وهو نذر الاعتكاف في أحدهما كما أوضحته في موضعه، ويتجه في المسألة وجه آخر وهو أنه إن كانت المسافة بين المسجدين من مكانه متساوية فتجزئه الصلاة في أحدهما عن الآخر، وإن كانت متفاوتة فلا يجزئه الأخف عن الأثقل كما ذكروه في ميقات الحج، وكذلك في نذر الجهاد على الأصح، إلا أن المنصوص أصوب وأقيس.
قوله: فروع: قد عرفت أن الظاهر في نذر المشي إلى بيت الله الحرام وجوب الحج أو العمرة، فلو قال في نذره: أمشي إلى بيت الله الحرام بلا حج ولا عمرة، [ففيه وجهان: