خلاف في أنها هل تقدح في الإجماع أم لا؟ وصحح أنها تقدح، وقد يجاب بجواب فيه منع لما فهمه الرافعي فيقال: ليس الخلاف عائدًا إلى الفرضية وعدمها بل في الكراهة فقط وإن كان مجمعًا على كونه فرضًا، ولا منافاة لأن المنافاة إنما هي حاصلة بين الكراهة وفرض العين لا بينهما وبين فرض الكفاية، ألا ترى أنّا نرد شهادة أصحاب الحرف على ما سيأتي وإن كان القيام بتلك الحرف فرضًا؟
قوله: وربما تردد الناظر في إخبار الممتنع من القضاء من جهة أن الامتناع من هذا الفرض الذي هو مناط المصالح العامة بعد ما تعين يشبه أن يكون من الكبائر، وحينئذ فيفسق به ويخرج عن أهلية القضاء لفوات شرط العدالة فكيف يولى ويجبر على القبول؟ ويمكن أن يكون المراد: أن يؤمر بالتوبة أولًا فإذا تاب تولى. انتهى كلامه.
وهذا الجواب الذي ذكره الرافعي بتقدير الفسق قد سلمه له في "الروضة" وهو غير مستقيم، وذلك لأنه إن صح ما قاله من كونه فسقًا فالفاسق إذا تاب لا تجوز ولايته ولا نقبل شهادته إلا إذا مضت عليه مدة الاستبراء، ولم يشترط ذلك هو ولا غيره، والصواب: الجواب بما أشار به في "الروضة" أن هذا لا ينبغي أن يكون فسقًا لأن من يمتنع عن مثل هذا إنما يمتنع غالبًا متأولًا والمتأول ليس عاصيًا قطعًا وإن كان مخطئًا في تأويله.
قوله: فإن كان أصلح منه بنى على أن الإمامة العظمى هل تنعقد للمفضول مع وجود الفاضل؟ وفيه خلاف للمتكلمين والفقهاء، والأصح: الانعقاد لأن تلك الزيادة خارجة عن شرط الإمامة، وفي القضاء خلاف مرتب وأولى بالانعقاد. انتهى.
تابعه في "الروضة" على إطلاق الخلاف ومحله ما إذا لم يكن عذر، فإن كان أطوع في الناس وأقرب إلى القلوب انعقدت قطعًا، قاله الماوردي.