واعلم أن هذين الشرطين ليسا زائدين على ما في "الوجيز" فإنهما شرطان لأهلية الاجتهاد والفتوى، والأهلية كذلك قد صرح باشتراطها في القاضي، فكأن اشتراطه للأهلية المذكورة في القاضي اشتراطًا للإسلام والكفاءة أيضًا، والشرط الأول بخصوصه داخل أيضًا في العدالة، وقد صرح بها في "الوجيز".
قوله: قال في "الوسيط": لكن اجتماع هذه الشروط متعذر في عصرنا لخلو العصر عن المجتهد المستقل، فالوجه: يتقيد قضاء كل من ولاه سلطان ذو شوكة وإن كان جاهلًا أو فاسقًا، لئلا تتعطل مصالح الناس، ويؤيده أنّا ننفذ قضاء قاضي البغاة لمثل هذه الضرورة، وهذا أحسن لكن في بعض الشروح أن قاضي البغاة إذا كان منهم وبغيهم لا يوجب فسقًا كبغي أصحاب معاوية - رضي الله عنه - جاز قضاؤه.
وإن أوجب الفسق كبغي أهل النهر وإن لم يجز. انتهى.
فيه أمور:
أحدها: أن ما قاله الغزالي قد جزم به الرافعي في "المحرر"، وكذلك صاحب "الحاوي الصغير"، ولم يحك في "الشرح الصغير" غيره، ونقل الرافعي في كتاب البغاة ذلك فقال: قال المعتبرون: ينظر إن كان قاضيهم لا يستحل دماء أهل العدل وأموالهم نفذ حكمه، وإن كان يستحل دمهم لا ينفذ حكمه، لأن من شرط القضاء العدالة، ومنهم من يطلق القول بنفوذ حكمه. هذا كلامه.
وقال في "البحر": يحتمل وجهين: أحدهما: لا ينفذ ويتحاكمون إلى من هو من أهل القضاء، فإن لم يجدوا أهلًا نفذت أحكامه للضرورة. هذا كلامه.