حاضرًا في البلد فأحد الوجهين: أنه يطلق، لأن الأصل أن لا شيء عليه.
وأظهرهما: أنه يحضر أولًا، فإن الظاهر أنه حبس بالحق، فإن ذكر خصمًا غائبًا، ففي طريق يطلق لأن الحبس عذاب وانتظار الغائب يطول وأظهرهما: أن فيه وجهين. هذا لفظه بحروفه.
فأسقط الناقلون من مسودة "الكبير" من لفظ الغائب إلى الغائب، ولم يتفطن في "الروضة" لذلك فتابعه عليه كما ذكرناه، وهذا الساقط ذكره أيضًا في "الوجيز"، وقد وقع للرافعي أمثال ذلك في ما سبق.
قوله: وقول "الوجيز" فيطلق كل من حبس بظلم. كان المراد منه إذا اعترف الخصم بأنه ظلمه أو كان القاضي عالمًا، وقلنا: إنه يقضي بعلمه، فأما إذا قال المحبوس: أنا مظلوم، فهو مذكور من بعد. انتهى كلامه.
وتخريجه الإطلاق من الحبس عند علم القاضي بالظلم على القضاء بالعلم باطل، فإنه قد ذكر بعد هذا أن القاضي لا يقضي بخلاف علمه بالإجماع، فلو رده إلى الحبس حتى يؤدي الحق المدعى به لكان قاضيًا بخلاف ما يعلمه، وسيأتي في الكلام على القضاء بالعلم أمثلة كثيرة مما نحن فيه نفى عنها الخلاف، ولم يتعرض في "الروضة" لهذا الكلام الذي ذكره الرافعي وكأنه اعتقد صحته فتركه لاندراجه في الخلاف الآتي في القضاء بالعلم.
قوله: وذكر فيه وفي "الوسيط" أيضًا إطلاق من حبس في تعزير وسكتت معظم الكتب عنه، ولعل وجه ما ذكره أن التعزير يتعلق بنظر الحاكم الذي بانت عنده الجناية، ولا يدري أن الحاكم المصروف هل كان يديم حبسه لو لم يصرف؟ ، لكن لو ثبتت جنايته عند الثاني ورأى إدامة حبسه فالقياس: الجواز. انتهى.
تابعه عليه في "الروضة" أيضًا، وذكر نحوه في "الشرح الصغير"