هذا الكلام مقتضاه أن القاضي نقل في "فتاويه" عن غيره وجهًا أنه يجوز وليس كذلك، فقد قال الرافعي: وفي "فتاوى" القاضي الحسين إلحاقه بالأذان حتى تجوز الإجارة عليه على رأي. هذا لفظه، وهو كذلك في "الفتاوي" المذكورة.
قوله: ولو رَزَقَ الإمامُ القاضي من مال نفسه أو رَزَقهُ أهل ولايته أو واحد منهم، فالذي خرجه صاحب "التلخيص": أنه لا يجوز له قبوله، لكن ذكرنا في باب الأذان: أنه كما يجوز أن يكون رزق المؤذن من بيت المال يجوز أن يكون من مال الإمام أو واحد من الرعية، وذكر الصيمري في المفتى: أنه يجوز أن يرزقه أهل البلد، ويمكن أن يفرق بأن ذلك مما لا يورث تهمة وميلًا في حق المؤذن لأن عمله لا يختلف، فالقاضي أجدر بالاحتياط من المفتي. انتهى كلامه.
فيه أمران:
أحدهما: أن مقتضى هذا الكلام إقرار صاحب "التلخيص" على ما قاله من المنع، لأنه شرع يقيسه على ما يقتضي الجواز، ثم إنه فرق بينهما فبطل القياس بالتفرقة وبقي النقل سالمًا عن المعارض، ولكن قد أعاد الرافعي المسألة في الكلام على الرشوة وهو بعد هذا بقليل، ورجح الجواز، فإنه ذكر: أنه يجوز للقاضي إذا لم يكن له رزق من بيت المال أن يقول للخصمين: لا أقضي بينكما حتى تجعلا لي رزقًا.
ثم ذكر مسألتنا هذه، وهي ما إذا رزقه أهل ولايته ونحوهم، وقال فيها ما نصه: ويشبه أن يجوز ذلك إذا جاز الأخذ من الخصمين. هذا لفظه.
وأسقطه من "الروضة" هناك، وأبقى الكلام المذكور هنا على حاله.
الأمر الثاني: أن ما قاله الصيمري قد تقدم الكلام عليه في أثناء "الزيادات"